الحنين الاستعماري الأوروبي

الحنين الاستعماري الأوروبي

A- A+
  • الحنين الاستعماري الأوروبي

    القرار الذي صوت عليه البرلمان الأوربي ضد المغرب، أشبه بالجزء البارز من جبل الجليد الذي تختفي فيه مصالح دول أوروبية ذات حنين استعماري، تعتبر بلدان شمال إفريقيا حديقة خلفية للمصالح الكبرى للدول العميقة في بعض الدول الأوربية، والتي يجب أن تظل تحت مشيئة المستعمر القديم، وإن اتخذ البرلمان الأوروبي غطاء الدفاع عن حقوق الإنسان التي يراد بها باطل.. نحن نعرف النوايا الخفية التي جمعت الأربعمائة نائبا أوروبيا من أصل 700 نائب في البرلمان الأوروبي لاستصدار قرار ضد المغرب لأول مرة، الذي يبدو كما لو أنه تجمّع خصيصا على ما تفرق على غيره من القضايا.

  • بالتدقيق في هوية البرلمانيين الذين صوتوا لصالح القرار الأخير للبرلمان الأوروبي، نجد أن أغلبهم من متطرفي اليسار، فالانتخابات على الأبواب وحظوظ اليسار ضعيفة بعد أن اكتسح خطاب اليمين واليمين المتطرف معظم الدول الأوروبية، لذلك لا بد من التطرف أكثر واللعب على كل الحبال حتى ولو تعلق الأمر ببلد بعيد يوجد في قارة أخرى من أجل إعادة غشاء البكارة الذي فقدته قوى اليسار في العقد الأخير، كيف يغدو المغرب مجالا للعبة انتخابية تهم أوروبا لا دخل لها بصكوك حقوق الإنسان.

    في البحث العميق عن محركي برلمانيي الاتحاد الأوروبي الذين دعموا القرار ضد المغرب، سنجد الجانب الفرنسي الذي يلعب حتى بدون قفازات حريرية، من أجل الضغط على المملكة، بعد أن لم يجد طلب الرئيس الفرنسي ماكرون لزيارة المغرب أي صدى، وسيكون عليه أن ينتظر طويلا للحصول على جواب، ما دامت المواقف الرمادية من قضية الصحراء لا ترضي الرباط أبدا. ومادام غياب الوضوح واللعب على حبل التناقضات بين المغرب والجزائر يظل سيد الموقف لدى ساكن الشانزليزيه.

    لنتأمل توالي الأحداث.. بدأ الأمر بكذبة بيغاسوس للتحرش بالمغرب، متخذة شكل عمل حقوقي وبعدها عمل صحافي يفتقد لشروط التحقيق، ولم يأت المدعون ببرهانهم لو كانوا صادقين، ثم جاء التباعد الدبلوماسي والبرود السياسي مع فرنسا، وأزمة التأشيرات، ثم تفجير قضية “قطر غيت” داخل أروقة البرلمان الأوروبي التي تحولت بقدرة قادر إلى موروكو غيت”؟ فالحائط القصير هو المغرب وحصان طروادة هو حقوق الإنسان، فيما على بعد كيلومترات قليلة من شرق المملكة وعلى مسافة أميال قليلة بين دول جنوب المتوسط ودول مثل الجزائر وتونس، التي يجرى فيها خرق حقوق الإنسان نهارا جهارا، خارج القانون وبدون قضاء، أخطر بكثير مما يقع في هذا المغرب الأقصى، ومع ذلك كان على القبائل الأوروبية أن تتجمع على الجسد المغربي.. نحن نفهم عمق الرسالة من الجانب الفرنسي أساسا.

    لن نتكلم عن بعض البرلمانيين الداعمين لقرار البرلمان الأوروبي الذين لهم شبهة الارتباط بدولارات شركة “سونطراك” الجزائرية، ولا عن توقيت المبادرة والقرار في هذه اللحظة بالضبط، نعرف أن التقارب الكبير بين المغرب وأمريكا، يوحد أوروبا، نعلم أن العلاقات الجيدة التي يبنيها المغرب مع شركاء أقوياء مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وإسبانيا وألمانيا وفي الطريق لتعميق علاقات أقوى مع بريطانيا.. كلها توجع الاتحاد الأوروبي، دون التغاضي عن النفوذ الذي أصبح للمغرب في القارة السمراء.. لكن للملكة رب يحميها، والمجال الحقوقي هو مجال سيادي للدولة المغربية، التي حققت ضمانات وانتصارات كثيرة في هذا المجال، لذلك تسقط كل أوراق التوت عن القرار الأوربي الذي باتت خلفياته السياسية والاقتصادية مكشوفة للكل، وقد جاء الرد المغربي من مختلف القوى الحية ومن المجتمع المدني والمؤسسات.. لنا في المغرب ما يوحدنا وإن اختلفنا وهو مقدساتنا وضمنها حماية سيادتنا وعدم تقبل تدخل الغير في شؤوننا، وإذا كان الأوروبيون بقلوب هشة على حقوق الإنسان، فليحموا فقط المهاجرين بين أحضانهم ويعيدوا لهم اعتبارهم الإنساني، بدل الاكتفاء بإعطاء الدروس للآخرين.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي