متاهة ناطق الجماعة

متاهة ناطق الجماعة

A- A+
  • تدوينة الإلهاء والمتاهة لناطق الجماعة ولسان حالها، رغم أنها جاءت متأخرة بكل تأكيد، إلا أنها كانت ستكون أكثر حالية وأشد راهنية لو أنها جاءت في سياق زمني غير سياقها الحالي.

    وقبل قراءة هذه التدوينة من منطلقها السياسي المختمر بالخلفية العقدية والإيديولوجية، إذ لا يمكن التسليم بأنها تدوينة نابعة من رؤية “إصلاحية خالصة”، لأن مجرد التفكير في ثوابت منهاج الجماعة، القائم منذ التأسيس على رفض رسمية الدولة، يجعلنا نعي جيدا الخلفيات والدوافع المنشودة، ونتلمس مليا الرسائل والأهداف المأمولة.

  • فتدوينة الإلهاء لحسن بناجح، إنما هي استحضار، في فكرها وأفكارها، لمقالة للمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي التي حدد فيها المرتكزات العشرة لفكرة إلهاء الشعوب والمجتمعات، واستعرض فيها آليات السيطرة على الرأي العام والتحكم في توجهاته، مؤسسا قناعاته وخلاصاته على وثيقة تاريخية بعنوان “أسلحة صامتة لحروب هادئة”.

    والوثيقة المرجع، تعود لمتم سبعينيات القرن الماضي في سياق التجاذبات السياسية والإيديولوجية إبان الحرب الباردة، وفي خضم سجال القطبية الثنائية، حيث كانت فكرة التوجيه المعنوي للشعوب هي عقيدة راسخة تقوم عليها أنظمة ودول، وكانت صناعة الرأي العام وتأجيج معنويات الجماهير ضرورية ولكنها تبقى في المقابل مسألة ممكنة، إذ كانت الأنظمة تتحكم في الإعلام المحدود في وسائطه ودعاماته، وهو ما كان يسهل عليها تصريف الرسائل التي تتوافق وتخدم مصالحها.

    أما اليوم، وفِي ظل الطفرة الرقمية، وانتقال الإعلام من مجاله الكلاسيكي إلى حيزه الافتراضي، وما يواكب ذلك من تعدد وسائط الاتصال الجماهيري، فإن الشعوب لم تعد قابلة للتعليب كما يعتقد ناطق جماعة العدل والإحسان، اللهم إذا كان يقصد في كلامه فئة “المريدين” الذين لا زالوا يعتقدون بالقومة، رغم إخلافها الموعد، ويؤمنون بمكرمات الشيخ والمرشد، ويجهزون مساكنهم على شكل مراحيض وفضاءات للوضوء بعيدا عن مساجد الله.

    فهؤلاء هم وحدهم القابلون للإلهاء في زمن الإنستغرام والفيسبوك والميسنجر وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي. وهؤلاء هم من يهيمون على وجوههم وينساقون فرادى وزرافات كلما همس في أذانهم أصحاب العمامات ونقباء الشعب وأعضاء الدائرة السياسية…الخ.

    أما عموم المغاربة فلا يحتاجون لمتاهات التوجيه المعنوي، ولن تنطلي عليهم ترانيم كهنوت الإسلام السياسي، ولا تدوينة “التائه الملهي” الذي يسكن الفيسبوك على مدار الساعة، متأبطا فأرة حاسوبه، وناهلا من قاموس العدمية، يفتي في الدين وفِي الأخلاق والسياسة، وعند أول استحقاق تجده أكثر ضلالة من الضالين الأولين.

  • المصدر: شوف تي في ''محمد العكباني''
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    بعد هزيمة فريق العاصمة بثلاثية نظيفة..الاتحاد الجزائري يقرر الطعن في قرار الكاف