إلى عقلاء الجزائر..

إلى عقلاء الجزائر..

A- A+
  • إلى عقلاء الجزائر..

    لسنا ممن يوزع الحطب إعدادا لمواقد النار بين شعبين شقيقين وجارين كان مفترضا أن يقودهم القرب الجغرافي والتاريخ والمصالح المشتركة إلى التعاون الوثيق لتشكيل قوة إقليمية هادئة قادرة على فرض شروطها في عالم الأقوياء في زمن تبدلات ما بعد كورونا، ولسنا ممن يكلأون في جراح البلدين ويزرعون الريح لتقوم العاصفة.. لذلك خصصت هذا الركن لمخاطبة عقلاء الجزائر، الذين للأسف لا يوجدون في دائرة القرار، لكن من الممكن أن يحدثوا فجوة في العلاقات بما يتوفرون عليه من حكمة وإحساس مشترك بضرورة عيش البلدين في فضاء مشترك في إطار سلمي وتضامني..

  • أعلم أنكم غير راضين مثلنا في المغرب على القرارات غير المفهومة التي لجأ إليها العسكر الحاكم، وأنه لا يمكن أن تسووا بين الضحية والجلاد في إجراءات تأتي من طرف واحد هو شرق المغرب لا غرب الجزائر، لا يمكن قبول الصمت على خطوات إعلان الحرب من طرف واحد تعلمونه جيدا، ولا يمكن أن يعاد تكرار الأسطوانة القديمة، المخزن والنظام العميل للامبريالية والاستعمار والغرب الرأسمالي… فقد ولى زمن الحرب الباردة، وانهارت الإيديولوجيات العتيقة منذ سقوط جدار برلين عام 1989، ولم يعد ممكنا استمرار تخندق العقلاء الجزائريين في المنطقة الرمادية، ولم يعد الحياد ممكنا، حين يعمل المغرب على مد يد المساعدة من أكبر مسؤول في الدولة للجزائر، لفتح علاقات ثنائية بالشكل الذي يختاره صناع القرار في الجزائر، الذين أصبحوا عالة على شعبهم وعلى المنطقة..

    أتوجه برسالتي هذه إلى أحرار وحرائر الجزائر، لأقول إننا في المغرب لا يمكن أن نفرح إن مس الجزائر ضر، وليس من مصلحة المغرب أن تكون الجزائر دولة ضعيفة مفككة ومنهارة ويقودها جنرالات نحو حتف مبين، لن يسر المغاربة قاطبة من أكبر مسؤول في البلاد إلى أصغر مواطن، إضعاف الجزائر، ولذلك عليكم بالمثل اتخاذ مواقف علنية وجريئة: هل يستمر دعم حكام قصر المرادية لجماعة البوليساريو من أجل ضرب وحدة المغرب ومعاكسة التاريخ، بإبقاء الصحراء كحجر الحصى في حذاء المملكة؟.

    إن الصحراء ليست قضية حيوية بالنسبة لكم، لكنها بالنسبة للمغاربة هي مصيرية، ولا يمكن لأي عاقل أن يقبل كيف تَصرفُ دولته على جماعة من المرتزقة تعيش لعقود طويلة مثل العلق على جلد الجزائريين وتستحوذ على أرزاقهم.. لكننا لم نسمع إلا من بعض الشرفاء علانية بأن جماعة البوليساريو ترهق ميزانية الدولة الجزائرية وأن الصحراء المغربية شأن مغربي، ولا علاقة للجزائر بها..

    هل يمكن اعتبار اليد الممدودة للمغرب، هي «مناورة مخزنية» وأنها «مؤشر على إفلاس النظام المخزني»، بدل اعتبارها دعوة صادقة من أشقاء يفكرون في العيش المشترك وتقاسم المنافع وأعباء الضرائب التي تفرضها وحدة الجوار، وهو ما يمكن أن ينعكس إيجابا على البلدين والشعبين الجزائري والمغربي.. فأين صوتكم، صوت الضمير النقي الذي سعى إلى تحرير الجزائر من ربقة الحكم العسكري؟ أين ريادتكم في الدفاع عن وحدة مغاربية في زمن صعب لكلينا مغاربة وجزائريين، إنها فرصتنا التاريخية للدفع بالعجلة إلى الأمام ورمي كل معيق لذلك في مزبلة التاريخ؟

    أتوجه إليكم يا أحرار الجزائر، لنعمل معا على استثمار ما لدينا من أجل الحفاظ على وضع مستقر وعلى إنقاذ الجزائر من مجانين حكامها الذين لا يسعون سوى إلى خراب المنطقة والتي ستكتوي بها الجزائر والمغرب معا، لن تجدوا سوى أيادي ممدودة حين تحققون شعارات مدنية لا عسكرية، وخيرات الجزائر لكل الجزائريين وإنهاء مسرحية تحكم العسكر بقفاز مدني لا يقدر على اتخاذ قرار واحد دون العودة إلى الجنرالات الشيوخ، نحن مستعدين للتعاون على سبيل قواعد واضحة ومتينة، والتاريخ لا يرحم، فقد حان أوان أن تقولوا كلمتكم بصدق وما اعتدناه من كل العقلاء الجزائريين، وإن غدا لناظره لقريب.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الأمير مولاي رشيد ترأس مأدبة عشاء أقامها الملك على شرف المدعوين