ميزانية كورونا وتضامن المغاربة

ميزانية كورونا وتضامن المغاربة

A- A+
  • يصح أن نطلق على ميزانية 2021 كما قدمها وزير المالية والاقتصاد وإصلاح الإدارة في البرلمان بداية هذا الأسبوع «ميزانية كورونا» بامتياز، أي ميزانية في زمن الأزمة، الجفاف من جهة والطامة الكبرى المتمثلة في وباء لا تدري الإنسانية كيف يمكن الخروج منه ولا مواجهة تداعياته الصعبة على الاقتصاد الوطني، لن أهتم بالأرقام فهي خادعة أو باردة لها تقنيوها المختصون الذين هم أدرى بحيلها ويمكن استخدامها سلبا وإيجابا كما يعرف ذلك جيدا خبراء المالية والإحصاء، ولكن يهمني الحديث عن السياق الذي جاءت فيه الميزانية والأفق الذي وجه من خلاله الخطاب الملكي المستهدفين من الميزانية الحالية والتي تهتم أساسا لضمان التماسك الاجتماعي وحماية الاقتصاد الوطني من تداعيات كورونا خاصة دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، الآن حان وقت العمل للتنزيل السريع لكل الآليات الكفيلة بضمان النجاعة الضرورية لتدخلات صندوق محمد السادس للاستثمار الذي ورد في الخطاب الملكي الأخير، الذي يجب أن يأخذ طابع الشخصية المعنوية، لتمكينه من هيئات التدبير الملائمة تفعيلا للتوجيهات الملكية.

    إن الشلل التام للاقتصاد الوطني لمدة 102 يوما أفقد الاقتصاد 102 مليار درهم، وهو ما يعني ناقص 10 بالمائة من الناتج الداخلي بالمملكة، زاد من ثقلها على ميزانية الدولة موسم جاف وقاسي جدا على الفلاحة الوطنية، الكل تضرر خاصة الفئات المهمشة ومن ليست لديهم مداخيل وتعطلت مهنهم بسبب وباء كورونا، ولولا صندوق كورونا الذي أحدثه الملك محمد السادس والذي استفاد من دعمه لمدة ثلاثة أشهر أكثر من 25 مليون مغربي، لكان وقع الكارثة أكبر.. اليوم ما يتطلع إليه المغاربة، هو إبداع الحلول من طرف الحكومة، وإن لم تستطع كما جرّبناها في مناسبات عديدة، فعلى الأقل تُنزل بشكل سليم خريطة الطريق التي أعلن عنها الملك محمد السادس، عبر تسريع خطة إنعاش الاقتصاد الوطني، والشروع في تعميم التغطية الصحية الإجبارية، وأن تعطي مؤسسات الدولة العمومية المثال من خلال عقلنة تدبيرها وترشيد نفقاتها، انتهى زمن «التبراع والتفياك والتفطاح» بالمال العام على حساب باقي الشعب، ولن يتم ذلك في غياب إصلاح عميق للقطاع العام، ومعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، لتكون قاطرة الإقلاع الاقتصادي، وتشديد المراقبة على لصوص المال العام والمبذرين إخوان الشياطين.

  • أقرت الحكومة مساهمة تضامنية على الأرباح والمداخيل اقتصرت على الشركات التي يفوق ربحها الصافي خمسة ملايين درهم وعلى الأشخاص الذاتيين الذين يفوق دخلهم 10.000 درهم شهريا، ليس هناك مشكل، المغاربة نساء ورجال لحظة الأزمة من طبعهم التضامن زمن الكوارث منذ أن خلق الله هذه البلاد الطيبة، ولكن المغاربة أيضا لا يقبلون أن تذهب نقودهم في غير مواضعها السليمة لذلك يجب إرساء تأمين إجباري عن المرض لفائدة الفئات الهشة المستفيدة حاليا من نظام «راميد»، وتسريع تعميم التغطية لفائدة فئات المستقلين وغير الأجراء الذين يمارسون أعمالا حرة، كما أوصى الملك في خطابه الأخير..

    الأزمات هي محك حقيقي لمعدن الشعوب، وإذا كانت الأزمة الوبائية اليوم ذات تداعيات على الكون بأكمله، فلنا ما يخول للمملكة المغربية أن تحول عوامل الإحباط والفشل إلى عوامل للنهوض والإقلاع، وهذا ما يهمني من ميزانية كورونا للعام القادم، علينا أن نلتفت إلى الفئات الهشة وإلى الشباب القادم إلى سوق الشغل وهو بالملايين، وكل عوامل النجاح لدينا، ملك يضع مصالح شعبه فوق كل اعتبار، مركز قرار موحد وغير مشتت بين دوائر عديدة، لدينا تلاحم وطني في لحظات الشدة يبرز بقوة، ولدينا مغاربة بحس تضامني جد عال، ولدينا الكفاءات والأطر، لاحظوا كيف تبرز في مراكز المسؤولية في دول عظمى متقدمة، لدينا منهم الآلاف هنا بالبلاد فقط يجب الانتباه إليهم وفتح فرص التألق والإبداع أمامهم، فلنتوكل على الله بصدق وإخلاص ولن نخيب.. صدقوني.. مغرب ما بعد كورونا لن يكون أبدا مغرب ما قبل كورونا…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي