من أجل الرضيعة نور

من أجل الرضيعة نور

A- A+
  • حين تطرقنا في “شوف تيفي” لقضية ليلى الصرغاني، وحملنا مشعل الدفاع عنها وعن رضيعتها نور، لم نكن نستهدف أي جهة، ولا كان في حسابنا أن نغدو طرفا في أي صراع، كان هناك جانب إنساني وسيبقى في هذه القضية، ليلى والمحامي طهاري وزوجته، أناس بالغون، وصلوا مستوى من النضج ليتخذوا القرارات التي يريدون ويتحملون مسؤوليتها، وهم مسؤولون عن كل تصرفاتهم كيفما كانت، ولكن الذي كان في حسباننا أساسا هو الرضيعة نور، نور طفلة المستقبل، نور قبل أن يثبت القضاء نسبها لأبيها بشكل عادل – ونحن لا نشكك أبدا في عدالتنا – هي ابنة هذا الوطن..

    ليست نور ابنة ليلى والأب المفترض المحامي بهيئة الدار البيضاء، سوى الوجه البارز من جبل الجليد في قضية شائكة فيها ظلم مجتمع ذكوري بكامله للمرأة ولأطفال يخرجون إلى الشارع ويطاردهم المجتمع بنعوت لا تستقيم مع براءة الأطفال، نور هي فلذة كبدنا -نحن المغاربة مثل مئات الأطفال الذين يعيشون بلا نسبهم الأصلي- هي زهرة مستقبل هذا البلد، التي نريد أن يكون لها هوية ونسبا تعتز به، لتمارس حياتها بشكل عادي. في دفاعنا عن الرضيعة نور، كنا نستحضر حالة الصمت التي تطوق نساء يخفن من العار والفضيحة ويتركن أطفالهن بلا هوية ولا نسب، ينتظرهم الشارع أو العيش في ظل عقد نفسية بلا حدود، وكنا في مواجهة قانون ظالم، سجنت بموجبه الضحية وفصلت الأم عن رضيعتها بطريقة فيها المكر والاستدراج، شخصان تقاسما نفس “الحب وطقوس الخطبة ومشروع الزواج الذي لم يكتمل”، وتم اعتقال المرأة ليلى دون متابعة شريكها في ذات الفعل بدعوى أن زوجته تنازلت عن الدعوى لفائدته، أي عقل يقبل بهذا.. هل فكرنا في فصل الأم ليلى عن رضيعتها نور..

  • كنا نعلم أن المعركة ليست سهلة، وأننا سنكون في مواجهة تضامن فئوي للمحامين الذين نحترمهم كجزء من فضاء العدالة، كحماة للقانون وكسند للمظلومين في الدفاع عن حقهم، كنا نتوقع أن نداء القبيلة أكبر من نداء الواجب في الدفاع عن الحق لدى البعض، لكننا لم نتنازل عن فضح كل انتهاك صارخ لليلى في الدفاع عن حقها.. وهنا لا يمكن إلا أن نشد على أيدي المحامين الذين ناصروا ليلى ورضيعتها نور، برغم احتكاكهم مع بني حرفتهم، ونقدر عاليا موقفهم في إحقاق الحق..

    لم نطالب بسجن المحامي طهاري ولا جرمنا زوجته الإبراهيمي التي نعي حجم ما تحس به من طعم خيانة زوجها الموثقة، رغم كل خرجاتها الاستفزازية ولكن ليلى لم تطالب بذلك، إنه في نهاية المطاف أب مفترض لصغيرتها نور، وسيكون عليهما – إذا ما أثبت القضاء صحة النسب بشكل عادل- أن يلتقيا على مائدة الحوار من أجل مستقبل ابنتهما بما يصون حقوقها ويحفظ توازنها النفسي بشكل أخوي وإنساني، ومن باب أنهما جمعتهما لحظات جميلة كيفما كان موقف الناس الأخلاقي منها.. كل هذا من أجل نور.. الرضيعة التي أصبحت طفلة المغاربة، احتضنوها وتعاطفوا معها، لأنها ابنة الشعب، فمرحبا بكل محاميي المغرب لمؤازرة صديقهم في المهنة، فهذا يدل على تماسك جسد حيوي ضروري لنصرة العدالة وإحقاق الحق وإنصاف المظلومين، لكن لنا اليقين في أن كل واحد منهم سيهمه مصير الطفلة نور، وهم هناك لنصرة الحقيقة، ولنا ثقة في القضاء الذي أنصف ليلى، بإطلاق سراحها وتصحيح الظلم الذي لحقها، إذ بعدما اشتكت لرفع الظلم عبر “شوف تيفي” تم الإيقاع بها في السجن والانتصار لمن ظلمها..

    لا يوجد منتصر ومنهزم في هذه القضية التي تبنيناها بحرقة وألم وبدون أي انتهازية أو البحث عن النجومية، لأننا لا نتاجر في آلام الناس وجراحهم كما ادعت وتدعي زوجة الأستاذ المحترم، والأب المفترض للرضيعة نور، ولكن يوجد إنصاف وإحقاق للحق فقط، والمنتصر الوحيد هو الرضيعة نور، وهو مستقبل أطفالنا.. فرجاء احفظوا لهذه الصغيرة حقها في أن تنمو بلا عقد، وأن تكون سوية، فنور ابنتنا جميعا، لنعد لها حقها، في أن تعرف حقيقة أباها الطبيعي.. فهل هذا كثير من الناحية الإنسانية والقانونية والاجتماعية؟ لننتظر فالمعركة لا زالت طويلة…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    بعد هزيمة فريق العاصمة بثلاثية نظيفة..الاتحاد الجزائري يقرر الطعن في قرار الكاف