هل فهمت أحزابنا المعنى الحقيقي للنموذج التنموي الجديد؟

هل فهمت أحزابنا المعنى الحقيقي للنموذج التنموي الجديد؟

A- A+
  • بتصفحي للمقترحات التي قدمتها الأحزاب السياسية إلى لجنة شكيب بنموسى في موضوع النموذج التنموي الجديد للمغرب، أُصبت بما يشبه الخيبة أو الاندهاش على الأقل، من هزالة بعض المقترحات التي تبدو مثل خطابات أو بلاغات حزبية، تتحدث عن ضرورة استعادة ثقة المغاربة في المؤسسات، وتحفيز الشباب على الانخراط في التنمية، والمطالبة بكذا وكذا… حتى لتبدو مقترحات بعض الأحزاب مثل صياغات إنشائية مكرورة للبيانات النقابية أو بلاغات للمجالس الوطنية والمركزية لهذا الحزب، وهو ما جعلني أفهم اليوم لمَ لمْ يُفتح بعد نقاش مجتمعي واسع (إلا من رحم ربك) للحديث عن المقترحات التي سبق أن قدمتها الأحزاب السياسية لصياغة نموذج تنموي جديد، بناء على تجميع وفرز المقترحات المفترض فيها أن تكون غنية بالإجراءات التي تخرج المملكة من وضعها الحالي حتى نكون في مستوى المرحلة الجديدة التي بشر بها الملك في خطاب العرش الماضي، وفي خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان في أكتوبر الماضي.. وبدا كما لو أننا نضيع الزمن في تكرار ذات الالتزامات، فقد طالب محمد السادس في خطابه سنة 2017 الأحزاب بإعداد مقترحاتها حول نموذج تنموي جديد، وبعد سنة ونصف تم تشكيل لجنة شكيب بنموسى التي التقت نفس الأحزاب لتقدم مقترحاتها من جديد..
    هل فهمت الأحزاب السياسية المعنى الحقيقي للمرحلة الجديدة التي بشر بها الخطاب الملكي؟ هل أعدت هذه الأحزاب تصوراتها حول النموذج التنموي الجديد بناء على اجتماع خبرائها في الاقتصاد والتنمية؟ هل أطلقت دينامية كبرى للنقاش وسط أجهزتها التنظيمية لاستخلاص الدعائم الأساسية لما يفترض أن يكون عليه المغرب خلال العقدين القادمين؟ وما هي السبل والإجراءات الملموسة التي ينبغي من خلالها تحقيق ذلك لاستعادة الثقة في المؤسسات وتشجيع الشباب على الانخراط في أي عمل تنموي يفرضه النموذج الجديد؟.
    شح ما تم تقديمه تجعلني أستبعد ذلك لدى عدد من الأحزاب السياسية إلا من رحم ربك، وأتخيل (من باب الخيال طبعا) أن الزعيم السياسي كلف شخصين من التنظيم المقربين منه، وقال لهما: “ديروا لينا شي بركة، فهاذ الشي ديال النموذج التنموي الجديد، وبعضهم كلف أستاذا جامعيا بإعداد “هاذ البركة” وتسليمها للزعيم بدل القيادة الحزبية ليبرز الأمين العام للحزب أنه يقوم بكل شيء لوحده، وأنه “إلى خطا الحزب تضربو تلافة”، وتمر المسرحية بمثل هذه الطريقة التي شخصتها أمامك بإخراج كوميدي يبكي ويؤلم.. الواقع كان يفترض أن الأحزاب لها برنامج سياسي، ومليئة بالأطر والكفاءات، وبها لجان للدراسات والأبحاث الاستراتيجية ومؤسسات حيوية للتفكير والاقتراح، تشتغل دوما على القضايا الملحة للأمة التي يجب أن يكون للحزب موقف وموقع فيها مبنية على تحليل علمي للواقع الملموس، لكن يبدو أن هذا كان زمان، إذ المستوى غير المقنع الذي ظهرت به مقترحات بعض الأحزاب السياسية التي اطلعنا عليها يبرز أنها أصبحت تفتقر للخيال السياسي وللإبداع، وهو شيء محبط حقا، وإذا كان معظمها يطالب باستعادة الثقة في المؤسسات، فيجب أن يعلم العديد منها أنها هي أحد أسباب اليأس العام وفقدان الثقة من خلال الوجوه التي تقدمها في الانتخابات والتي تصعد إلى المجالس الجماعية والإقليمية وفي البرلمان والحكومة وباقي المؤسسات، نحن لسنا ممن يرون أن الكفاءة مرتبطة بالحصول على الدبلومات وشواهد الدكتوراه من جامعات عالمية، إذ أن التقنوقراط ليسوا هم خلاص هذه الأمة ولكن العمق السياسي والتجربة في مجال التسيير والتدبير، والروح الوطنية التي تضع الوطن قبل الحزب، وأيضا الكثير من الجدية والمعقول خاصة في القضايا المصيرية، فالنموذج التنموي المأمول سيرهن مستقبل البلاد ويمس جيلا بكامله في المستقبل.. يجب أن نقرأ من الآن همومه ومتطلباته وأحلامه، غير هذا سنظل نردد للأسف نفس الأسطوانة المشروخة والتي أدت إلى كل هاته الفوارق الاجتماعية المخيفة…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الوزير مزور: المغرب يبذل جهودا كبيرة لجذب الاستثمارات الأجنبية