بوح الأحد: تجديد العهد لمواجهة كل التحديات من أجل تمنيع المغرب

بوح الأحد: تجديد العهد لمواجهة كل التحديات من أجل تمنيع المغرب

A- A+
  • بوح الأحد: تجديد العهد لمواجهة كل التحديات من أجل تمنيع المغرب و “هيومان رايتس ووتش” تحاول يائسة أن تلعب دور فصيل معارض مغربي دفاعا عن الذين لفظهم الشعب و أشياء أخرى

    أبو وائل الريفي
    حالة اضطراب شديد عاناها مرتزقة النظام العسكري الجزائري طيلة شهر يوليوز أظهرت حقدهم على الملكية وبغضهم للمغرب وتضايقهم من كل مناسبة تجسد التحام الشعب بملكيته ووحدة مكوناته. ومنشأ هذه الحالة أنهم كانوا يعون جيدا بأنهم يروجون للكذب والأخبار المزيفة ضد الملك، ويوما عن يوم يشعرون أن موعد كشف الحقيقة يقترب فيزداد اضطرابهم وارتباكهم باستثناء بعض من المرتزقة الذين صاروا يتنفسون الكذب ويحترفون التضليل وفقدوا الإحساس بالمسؤولية تجاه من يتابع ترهاتهم وأراجيفهم، ولذلك فهم يتمادون في هذا الانحدار الأخلاقي والسياسي لأنهم أسارى من يدفع لهم أكثر.
    ينتسب بعض من هؤلاء المرتزقة زورا للمغرب بحكم الاضطرار. هم لا يعون معنى تامغربيت واستسلموا لعطاء كابرانات الجزائر فأصبحوا “سعاية” مستعدين لبيع كل شيء مقابل دينارات يواجهون بها تسكعهم في دول يعيشون فيها البطالة المقنعة.
    الأكيد أن هؤلاء جميعا كانوا يترقبون خطاب العرش أكثر من المغاربة ولكن بنية مختلفة وخلفية مغايرة. يتابع المغاربة خطاب العرش ليعرفوا خريطة طريق بلادهم نحو المستقبل ممن يثقون في موضوعية وصراحة تشخيصه وصدق استشرافه وممن استأمنوه على مصائرهم، ويتابع هؤلاء السعاية الخطاب لعلهم يجدون فيه ما يخدم رواياتهم الموضوعة والغريبة والتي لا يصدقها عقل سوي. والحمد لله أن المغرب الرسمي لا يسقط في فخاخ هؤلاء بالانشغال بهم والرد عليهم لأن لحظة حقيقية واحدة بالصوت والصورة كانت كفيلة بردم كل ما بنوه في شهور من أوهام.
    وكما هو منتظر، فقد كان خطاب العرش ضربة قاضية تلقاها هؤلاء المرتزقة وهم يتابعون جلالة الملك صوتا وصورة وحركة في حالة بعيدة كل البعد عما روجوا له طيلة شهور. منهم من أدخله ادعاءا إلى الكوما، ومنهم من أعلن افتراءا أشياء أخرى، ومنهم من وصل به الخيال حد التصريح بأن من يقوم بالأنشطة الملكية هو مجرد شبيه له، ومنهم من تجاوز كل الحدود فادعى صراعات ومحاولات اغتيال. والحمد لله أن المغاربة يعون خلفيات كل هذه الحملات التضليلية وأهدافها، ويتلقون الأخبار عن ملكهم والعائلة الملكية من مصادرها الموثوقة التي لا تتردد في الإخبار المبكر ومكتمل العناصر عن كل ما يتعلق بالملك لأن جلالة الملك أحرص من غيره على أن يكون دائم الصلة بالمغاربة وأن يكونوا أول من يعرف مستجدات حياته الخاصة قبل أنشطته العامة. هذا الأمر ليس بجديد على ملك أقر هذا العرفَ منذ اللحظات الأولى لجلوسه على العرش منذ أزيد من عقدين ودأب على هذا التقليد.
    لقد صارت أساليب الطوابرية والمرتزقة معروفة، وخرجاتهم متوقعة حتى قبل حدوثها، والأذرع الدعائية التي تتحرك معروفة، وحتى التوقيت لم يعد مفاجئا. لذلك لم يكن غريبا أن تتولى هيومان رايتس ووتش من جهتها الهجوم على المغرب في هذا التوقيت وبمحتوى قديم أثبتت الأيام كذبه وأثبتت التحقيقات بطلانه ولم يصمد من يدعونه أمام القضاء رغم أنهم تمتعوا بكل ضمانات المحاكمة العادلة ومحاكماتُهم استغرقت وقتا كافيا لإظهار أدلة براءتهم فكانوا يرددون نفس الأسطوانة المشروخة ويتولى دفاعهم مهام التسويف والتأجيل بحثا عن عفو أو التماسا لظروف تخفيف لا يستحقونها أو جريا وراء مصالحة مع ذوي الحقوق بعد مقايضتهم على حقوقهم بتعويضات. هل ينكر هؤلاء جميعا سعيهم لشراء تنازل الضحايا في القضايا التي يتابعون بها؟
    هيومان رايتس ووتش فقدت مصداقيتها منذ سنين في علاقاتها مع المغرب لأنها لم تعد منظمة حقوقية محايدة واستسلمت لبعض الطوابرية الفاشلين وصار محرر تقاريرها عن المغرب، الحاقد على المغرب، يريد تحميل السلطات المغربية مسؤولية فشله المهني والشخصي ومغادرته الطوعية للمغرب للعيش في بلاد العم سام بتعويضات سمينة تلقاها من ولي نعمته هناك.
    لقد راكم طيلة مساره في المغرب أخطاء جسيمة جعلت شركاءه يتخلصون منه حفاظا على مؤسستهم الإعلامية التي كان يوظفها بطريقة خسيسة لخدمة أجندة أسياده وبعيدا عن المهنية وأخلاقياتها، لم يراكم طيلة عقود من حياته المهنية سوى الفشل الذي غطت عليه أموال الإشهار والتمويل السخي الذي كانت تتلقاه منابره الإعلامية، الغلام الذي صار أجيرا وقلما يكتب مذكرات غيره، و الطامح إلى لعب دور سياسي مشبوه في مغرب محمد السادس مع زمرة الطوابرية. هو الذي يوظف اليوم هيومان رايتس ووتش لنفت سمومه ضد المغرب. وطبعا التقت إرادته مع إرادة مشغليه ورؤسائه الحاقدين على المغرب والأجراء عند نظام شنقريحة وخدام الدولة العميقة في فرنسا وأصحاب المصالح العابرة للدول والقارات الذين يتعاملون مع هذه المنظمة كذراع سلطوي لترويض كل دولة تأبى الخضوع لهم.
    هل هي الصدفة التي تجعل هذه المنظمة تخصص للمغرب تقريرا من ما يقارب 150 صفحة وتنشره أياما قبل عيد العرش؟ ألا تصطف بهذا النشر في هذا التوقيت مع أعداء المغرب المهووسين بالتشويش على هذه المناسبة؟ وهل هي الصدفة وحدها التي جعلت تقريرا يتضمن وقائع قديمة لا يفرغ محرره من إعداده إلا مع اقتراب هذه المناسبة وبما يتناسب مع ظرفية صارت مفضلة منذ سنوات من طرف هذه المنظمات والمنابر الدعائية؟ وهل هي زلة غير مقصودة أن يسود في التقرير كله روايات متشابهة لرأي واحد رغم تباهيه بأنه تضمن تحليلا لأكثر من 89 شخصا؟ وهل يمكن أن يصل الحقد إلى حد الالتقاء ببعض أصحاب الرواية الأخرى والاستماع إليهم دون أن يتم ذكر روايتهم في التقرير النهائي؟ وهل يمكن الثقة بعد ذلك في مصداقية هؤلاء وتجشم عناء لقائهم مع العلم أن أمثال إيريك كولدشتاين قد يلتقي بالضحية ويسمع لروايتها و يسربها لخصومها؟ وهل هي من أخلاق المدافعين عن حقوق الإنسان أن ينسبوا للدفاع أقوالا دون ملاقاتهم في حين أنها مستقاة من الطوابرية وعائلات الضحايا فقط؟ وهل من الموضوعية، التي هي سلاح الحقوقيين الشرفاء، الاقتصار على روايات من لهم مصلحة في عدم معرفة الحقيقة والتعامل مع رواياتهم على أنها حقائق مطلقة؟ وهل يمكن الوثوق في تقرير اتسمت الوقائع التي اعتمدها كأرضية لخلاصاته بالانتقائية لأنه اعتمد 12 قضية منتقاة لثمانية صحافيين كلها تخدم نفس الوجهة؟
    إيريك كولدشتاين الخالد في مهمته منذ ثلاثة عقود تقريبا والمعروف بعداوته للمغرب ونظامه والتي لم تعد هناك حاجة للاستدلال عليها، و ربيبه الذي تحركه أحقاد ضد المغرب ويريد الاستقواء بهذه المنظمة لتصفية حساباته القديمة مع بلده، وهيومان رايتس ووتش التي تخصصت منذ سنوات في الدعاية ضد المغرب، ومصادرُ هذا التقرير الذين لهم جميعا مصلحة في تبرئة أنفسهم بطرق غير قضائية بعدما عجزوا عن تقديم أدلة براءاتهم أمام القضاء، ووقائعُ هذا التقرير القديمة والتي تكررت في أكثر من تقرير قديم وعجزت عن نيل المصداقية والثقة لدى القراء المحايدين، وخلاصاتُ هذا التقرير التي هي عبارة عن توصيات غريبة تريد فرض قيم ودين وتشريعات جديدة على المغرب والمغاربة متناسية أنه بلد ذو سيادة ولا يتلقى توجيهات أو أوامر من الخارج بشأن التشريعات التي تليق به. هذه كلها أسباب تجعل المكان الطبيعي لهذا التقرير هو سلة المهملات لأنه لا يساوي الحبر الذي كتب به والجهد الذي بذل لتجميع فقراته ويستقي من محبرة التقارير السابقة التي كان هدفها جميعا تركيعُ المغرب وإخضاعُه والتمكينُ للطوابرية ومنحُهم الضوء الأخضر ليعيثوا فسادا في البلاد بدون حسيب أو رقيب، ولذلك فهو ينضاف إلى ما سبق ولن يكون له من أثر على المغرب والمغاربة.
    حين يعرف السبب يبطل العجب، وحين يعرف كتبة هذا التقرير يسهل معرفة دوافع صدوره والأهداف من نشره وتوقع اتجاهه وخلاصاته. وكتبة هذا التقرير استعانوا بخدمات المختلس للمال العمومي المعيطي والمتصابي فؤاد، والملفاتُ المعتمدة في التقرير هي نفسها الملفات القديمة التي عجز المتابعون فيها عن دحض التهم الموجهة إليهم. عمر راضي المتابع بالتجسس والاغتصاب وسليمان الريسوني المتابع بالاعتداء الجنسي واحتجاز شخص وتوفيق بوعشرين المنكر لتهم الاغتصاب الثابتة في حقه بشهادات متواترة لضحاياه وهشام المنصوري وهاجر الريسوني وزيان.
    كان يمكن التماس بعض الأعذار لهذه المنظمة لو فسحت المجال لخصوم أنصارها وحوارييها وإدراج رواياتهم في تقريرها، وخاصة أنها استمعت لبعضهم كما حصل أثناء الزيارة الأخيرة للمغرب لإيريك كولدشتاين الذي التقى حفصة بوطاهر ضحية عمر راضي، ولكن عوض أن تجد روايتها مكانا في صفحات هذا التقرير الطويل جدا تفاجأ المسكينة بأن كل ما قالته للحقوقي “الكبير” و”الخالد” في مكانه منذ عقود وصل إلى عائلة عمر راضي، وهو ما يذكرنا بسابقة نقل شهادتها من طرف لجنة الاستماع التي خصصتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لها إلى عمر راضي قبل اعتقاله. سبحان الله يُسْقَوْنَ جميعا من “مغرف” واحدة، ويؤكدون بهذه الخروقات لأبسط أخلاقيات المدافعين عن حقوق الإنسان أن هذا الملف محرج لهم جميعا وأن عملاءهم في وضعية إفلاس حقيقي مما يضطرهم إلى مصادرة رواية حفصة وغيرها من الضحايا. هذا هو السبب الذي يجعلهم يرفضون إدراج روايات خصوم وكلائهم. هم يعرفون أن كل من يطلع على شهاداتهم سيقتنع بتورط الطوابرية، ولذلك فمصلحتهم تقتضي حجبها ومصادرتها ولو على حساب ما تبقى لديهم من مصداقية وعلى حساب أخلاقيات العمل الحقوقي النبيل.
    ولأن كتبة هذا التقرير أعلم من غيرهم أن محتواه غير جذاب، ووقائعه مستهلكة، وفاقد لشهية الاطلاع عليه، فقد لجؤوا إلى توابل الإثارة وبهارات التشويق بالكلمات المثيرة بدءا من العنوان “فيك فيك سينالون منك مهما كان” ومرورا بالمحتوى الذي أثثته ببعض الكلمات الرنانة مثل “التقنيات القمعية” و”التكتيكات الاحتيالية والملتوية” و”المحاكمات الجائرة” و”ترهيب المنتقدين” و”البيئة القمعية” وكأن اكتشاف جرائم بوعشرين وراضي والريسوني والمعيطي تمت بوسائل معجزة ومعقدة وتناست هذه المنظمة أن لا وجود لجريمة كاملة وأن الله يمهل ولا يهمل. وختم التقرير المتحامل على المغرب وسلطاته ببعض الأحكام المفتقدة لأدلة تعضدها مثل اتهام الشرطة بأنها لم تحقق بشكل جدي فيما وصفته بالاعتداءات على المنتقدين مع العلم أن اطلاعا أوليا على التقارير والمحاضر يؤكد أن كل المعنيين بهذه الملفات نالوا حقهم الكامل في الدفاع عن أنفسهم وتم التحقق من كل ما يدعونه بكل الوسائل بما في ذلك إجراء الخبرات التقنية من طرف مختبرات رسمية ومحايدة اللهم إذا كانت هذه المنظمة لا تثق في كل الدولة ومؤسساتها، فهذا شأن آخر.
    ومن التوابل “الحامضة” التي استعان بها معد التقرير للإثارة ملف بيغاسوس وأساطير فوربيدن ستوريز ، ونسي أن يذكر بأن الكرة في مرمى من يدعي استعمال المغرب لهذه البرمجية لإثبات صحة ادعاءاتهم، وتجاهل كل الدفوعات الواضحة التي قدمها المغرب نافيا امتلاكه واستعماله لهذه البرمجية، كما تجاهل تهرب مروجي هذه الإشاعة من القضاء واختباءهم وراء شكليات قانونية عتيقة لتفادي مواجهة قضائية كانت وحدها الكفيلة بدحض الشكوك باليقين. لماذا تجاهلت هذه المنظمة كل هذه المعطيات لو كان حرصها هو نشر الحقيقة فقط؟
    التقنية الثانية المضللة والتي تريد إعطاء وزن لهذا التقرير المتحامل هي الترويج إلى أنه حصيلة لعمل ميداني متنوع وممتد في الزمن، حيث ادعى كاتب التقرير أن “هيومان رايتس ووتش حضرت 19 جلسة محاكمة لمعارضين مختلفين في الدار البيضاء والرباط، وراجعت مئات الصفحات من ملفات القضايا ووثائق رسمية أخرى، وراقبت وسائل الإعلام الموالية للدولة عن كثب لأكثر من عامين”. وقد يكون جزء من هذا حقيقي ولكنه تم بدون موضوعية وتوازن وبتوجيه مسبق وانتقائية مقيتة، ولذلك فنتائجه غير قابلة للتعميم وكان الأولى للمنظمة إرسال ممثل محايد وليس مبعوثا فاشلا وحاقدا، وكان الأولى للمنظمة أن تدرج أسماء وصفات كل من التقتهم وأن ترفق بتقريرها نسخا من الأحكام القضائية المتوفرة للعموم ومرافعات كل الأطراف لتتيح للقراء الاطلاع على الحقائق من مصدرها بدون توجيه ودعاية مسبقة.
    والتقنية الثالثة المضللة التي اعتمدها تقرير بنشمسي المتحامل هي التعميم الظالم لأن محاكمة 8 صحافيين على جرائم بعيدة عن الصحافة والنشر كاف لدق ناقوس الخطر على حرية الصحافة والاستنتاج بأن كل الصحافيين مهددين رغم أن المغرب فيه عشرات المنابر الإعلامية وأزيد من 3400 صحافي. فهل كل الباقين غير صحافيين؟ وهل كل هؤلاء صحافيين مخزنيين؟ وهل هؤلاء الثمانية سوبرمانات الإعلام أو هم الصحافيون النموذجيون الذين على الباقي اقتفاء أثرهم المهني إن كان لهم أثر يستحق أن يذكر؟ تكفي هذه الخلاصات وحدها لتوضيح الاختلال المنهجي الصارخ الذي يجعل المكان الطبيعي لهذا التقرير هو سلة المهملات.
    ولأن الاستهداف السياسي للمغرب هو الأصل، فقد حرصت المنظمة على ربط موضوع التقرير بتولي الملك على العرش وتأبيد متابعات الصحافيين وربطها بتاريخ تولي الملك العرش سنة 1999، وتؤاخذ على المغرب متابعتهم بتهم جنائية دون أن تكلف نفسها عناء تبرئتهم منها، بل حسب هذه المنظمة تكفي صفة الصحافي لتكون جواز مرور لصاحبها وإعفائه من المتابعة في ما يرتكبه من جرائم. هل حسب هيومان رايتس ووتش يعتبر الصحافي فوق القانون؟ هل تُشَرِّع لمبدأ الإفلات من العقاب؟ هل هي مقتنعة بأن شكايات حفصة ضد عمر وآدم ضد سليمان والمرحومة أسماء الحلاوي وغيرها ضد بوعشرين كلها مصطنعة؟ هذه هي الفراغات التي يجب ملؤها في تقرير بنشمسي لمعرفة خلفيات ما اقترفته يمينه وهو واع بنتائجه لأنه يبحث فقط عن تصفية حسابات خاصة أو خدمة أجندات أسياده وأولياء نعمته ضد المغرب.
    لكل ما سبق، يمكن القول بأن الصفة الحقوقية تنتفي في حق هيومان رايتس ووتش، وأنها أصبحت حزبا سياسيا يحترف معارضة خيارات المغرب وتختار بشكل ماكر مواضيع تقاريرها وتوقيت إصدارها، ومطالُبها بعيدة كل البعد عن الطابع الحقوقي، بل إنها تتسم أحيانا بنوع من الدكتاتورية التي تتهم صحافة المغرب بالتشهير والموالاة للمخزن، وكأنها تستنكر على الصحافة المستقلة أن يكون لها خط تحريري مخالف لتوجهاتها ومدافع عن المغرب ومصالحه. هل هذه هي التعددية الإعلامية التي تبشرنا بها هيومان رايتس ووتش؟ وهل هذه هي المهنية التي يصدعون بها رؤوسنا؟
    الحقد على وسائل الإعلام الوطنية هذه مفهوم، ومصدره معروف، وأسبابه لم تعد خافية على أحد. لأن الطوابرية خسروا بالضربة القاضية معركة الإعلام والتواصل مع المغاربة لأنهم وجدوا منابر إعلامية اتسم تناولها لملفاتهم بالمهنية والإنسانية فلم تتخل عن الضحايا لمجرد أن خصومهم معروفون ومشهورون بل انخرطت في معركة تعرية كل الملفات وكشف الحقيقة، ولذلك فقد أصبح هذا الإعلام المواطن يشكل عقدة عند كاتب التقرير وباقي “شلته”، ولا ضير أن تندرج جل مقترحات تقريره في خانة الإعلام ضد هذه المنابر تحت مسمى مواجهة صحافة الموالات ويتناسى هذا الفاشل الذي كان أكبر مشهر بالغير في حياته أن مصداقية هذا الإعلام يأخذها من انضباطه للقانون ومن نسبة الإقبال التي يلقاها من المغاربة وغيرهم داخل المغرب وخارجه. أما الجزء الآخر من مقترحات التقرير الذي تضمن أحلامه الأبدية فهو يعمل على إضعاف الملكية وتشجيع التطاول عليها بمطالبته بحذف الفصول التي تقنن الاحترام الواجب للملك والعائلة الملكية كما هو الشأن في كل دول العالم، مع العلم أن الملك محمد السادس كان أكثر المتسامحين مع الصحافة التي أساءت إليه بدون قصد واعترفت بخطئها. وكان الأولى للكاتب ومن يلقنونه أن لا يتغاضى عن الكثير من القضايا والسوابق في هذا الباب لو كان موضوعيا ويتحرى الحقيقة ولا شيء غيرها.
    ولأن لهذه المنظمات أجندات دولية تهدف إلى تنميط الجميع في قالب واحد، فقد طالب تقرير كولدشتاين بالعلاقات الرضائية خارج الزواج وغير ذلك من المطالب المشابهة. يتناسى هؤلاء أن ورش القانون الجنائي مفتوح باب الاقتراح فيه للمغاربة بمختلف اتجاهاتهم ولا ينتظر هؤلاء ومقترحاتهم المسمومة التي تريد تصدير أزمات من الخارج للداخل. وحده النقاش الداخلي في مؤسسات البلاد الممثلة للشعب من سيحسم تعديلات القانون الجنائي، وعلى الطوابرية التحلي بالشجاعة ومخاطبة المغاربة بمطالبهم هذه إن كانوا يتبنونها صراحة.
    الحقيقة أن الضغط على الدول وانتهاك سيادتها بقضايا حقوق الإنسان صار متجاوزا، ومبدأ الاشتراطية افتضح أمره وخلفياته منذ عقود، والدور الخبيث الذي تلعبه هذه المنظمات المملوكة للمليارديرات الطامحين إلى توسيع مجالات اشتغالهم ومراكز نفوذهم في بعض الدول فتسلطها عليها صار مفضوحا. والمغرب كان من الدول الأولى التي أسست لمبدأ عدم الاستسلام لهذه الأجندات وواجهتها بالآليات الحقوقية والترافع أمام المنتظم الدولي ضد أطروحاتها السياسية المتلبسة بطابع حقوقي، وقد اتسعت اليوم والحمد لله دائرة الدول التي ترفض الابتزاز من هذه المنظمات وغيرها من وسائل الإعلام التي تدور في فلك مالكيها. إلى اليوم ما تزال أمنستي وفوربيدن ستوريز وهيومان رايتس ووتش عاجزة عن تقديم أدلة علمية مقنعة على ادعاءاتها ضد المغرب، وإلى اليوم لم تقدم المنابر الدعائية التي استهدفت المغرب بالتشهير أدلتها أمام القضاء الذي استعملت أمامه دفوعات قديمة وشكليات متجاوزة للتهرب من المثول أمامه لفضح المغرب كما تدعي. ولو كانت تملك معشار ما تدعيه ضد المغرب لامتلكت الشجاعة لنشره على الملأ أمام محكمة الرأي العالمي الذي له وحده أن يدين هذا الطرف أو ذاك.
    ولمعرفة خلفيات نشر هذا النوع من التقارير في هذا التوقيت يمكن فقط متابعة المنابر الإعلامية المحتفية والناقلة لمضامينه والتي لا تتحرى الموضوعية في ذلك ولا تكلف نفسها عناء إيراد الرأي الآخر، وحينها سيستوعب المغاربة أننا بصدد حملة أخرى ولكنها هذه المرة ولدت ميتة ولا أمل يرجى منها في التشويش على مسيرة ملك وشعب يشقون طريقهم بثبات نحو ما يفيد هذا الوطن.
    سيبقى المغرب قويا وشامخا، وسيندحر الطوابرية ومشغلوهم وبيادقتهم التي يستعين بها لاقتراف تقارير أخرى من نفس المحبرة السابقة. عاش المغرب قويا وشامخا والخزي لكل من ينتسب له ولا تضربه الغيرة عليه ويتآمر للنيل من سمعته.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    السفير زنيبر يبحث مع غوتيريش ومسؤولين أمميين تفعيل أولويات مجلس حقوق الإنسان