بؤس النخبة البرلمانية

بؤس النخبة البرلمانية

A- A+
  • بؤس النخبة البرلمانية

    لم تمض على انتخابات 8 شتنبر الأخيرة أكثر من ثلث العام، حتى بان عيب النخب الجديدة التي التحقت بالبرلمان، نخب هزيلة في تكوينها السياسي وخطابها غير مقنع ومرتبك إن لم أقل إنه متخلف عما نطمح إليه، ولا يرقى إلى التحديات التي تنتظر المغرب، برلمانيون لا علاقة لهم بواقعنا وبقضايا المغرب الحيوية إلا من رحم ربك، يتهجون أسئلتهم ويذبحون اللغة العربية من الوريد إلى الوريد، بلا رحمة ولا شفقة، لا تميز بين قراءتهم لأسئلتهم أو لتدخلاتهم وقراءة تلميذ ذي ست سنوات…

  • أتفهم اليوم لماذا لم يعد يغري البرلمان المغربي كمؤسسة تشريعية فضول المغاربة ليتتبعوا خطب البرلمانيين وأسئلتهم ومحاسبتهم للوزراء كما تقتضي الوظيفة الرقابية للبرلمان، لأن النخب التي أصبحت تأتي إلى البرلمان حقيقة، لم تعد في المستوى الذي اعتدناه من تدخلات مزلزلة لا زالت تتردد أصداؤها حتى اليوم في قبة البرلمان المغربي..

    الأمر يعكس بعدا بنيويا ويتجاوز محاسبة البرلمانية الفلانية أو البرلمان العلاني، بل يؤشر على أزمة وظيفة التأطير والتكوين المفترض أن تقوم بها الأحزاب السياسية لأطرها وللمنتسبين إليها، ويمكن أن نطرح سؤالا حقيقيا: أهذا كل ما يوجد لدى هذه الأحزاب، خاصة تلك التي ظلت بمثابة مشتل لصناعة الأطر السياسية التي كانت حتى الدولة تتغذى منها وتستقطب أطرها الوازنة؟ هل بمثل هذه النخب التي رشّحوا للبرلمان ستقوم أحزابنا بعملية التحديث الضرورية لتجاوز مشاكلها ومواكبة تطور الوعي المجتمعي للمغاربة في زمن ثورة وسائل التواصل الاجتماعي التي تحولت هي نفسها إلى برلمان ومنصات للرأي والرأي المضاد، للمعارضة والمراقبة والمحاسبة على تسيير الشأن العام؟

    ظلت الأحزاب السياسية خاصة مما كان يطلق عليه بالقوى الديمقراطية والمعارضة الوطنية، تزخر بنخبة حية، وظلت هذه الأحزاب مدرسة سياسية بامتياز في الروح الوطنية والأخلاق السياسية الكبرى، اليوم طالها هي نفسها ما طال النخب المغربية من كساد ورداءة وتخلف سياسي، ولم تعد تقدّم لمناصب المسؤولية وللبرلمان سوى نخب هزيلة بدون تكوين سياسي ولا أفق تنظيمي..

    يواجه المغرب اليوم تحديات نوعية كبرى في الداخل الوطني كما في محيطه الإقليمي، بصعوده كقوة إقليمية، وهو ما يفرض نخبة مكونة وصلبة في مستوى رفع التحديات، لها أفق سياسي ووعي عميق لتكون في مستوى الرهانات التي يعلقها المغاربة على تحويل هذه المرحلة المليئة بالأزمات إلى إقلاع حقيقي، كل فرصه الناجحة تبدو واعدة اليوم.. لكن أبمثل هذه النخب البرلمانية “الكرطونية” التي كشفت عن هزالة مستواها في اللغة والخطابة، كما في التكوين والرؤية السياسية، سنرفع التحديات؟ هل بمثل هذه النخب التي أضحت موضوعا للسخرية بين المغاربة سوف نحقق انتظارات المغاربة، والطريق المتقدم الذي فتحته الدولة تحت قيادة جلالة الملك لتركيز موقع المغرب الجديد وهو ينوع شركاءه ويقوي جبهته الداخلية ويستقطب باستقراره استثمارات الشركات الكبرى؟

    على أحزابنا السياسية أن تقوم بثورة تنظيمية حقيقية، فحين خطب الملك محمد السادس في عام 2001، محذرا من الشعبوية والانتهازية، كان يعي تحولات النخبة السياسية بالمغرب، لا ديمقراطية بدون أحزاب قوية، لكن لا أحزاب بدون نخب سياسية مكونة وتمتلك الكثير من الخيال السياسي.. فاللهم “كمشة النحل ولا شواري ديال الذبان”، وعذرا لبعض عناصر الضوء في النخب البرلمانية المغربية..ورحم الله برلمان زمان..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الطالبي العلمي ولد ‘الكارد فوريستيي’