في ذكرى ملحمة الكركرات

في ذكرى ملحمة الكركرات

A- A+
  • في ذكرى ملحمة الكركرات

    ها هو الزمن يدور دورته، ليحتفل المغاربة بذكرى متميزة في التاريخ المعاصر للمملكة، والتي كتبتها القوات المسلحة الملكية بمداد من الفخر يوم السبت 13 نونبر تحل الذكرى الأولى لملحمة الكركرات، حدث استثنائي شكل انعطافة كبرى في مسار القضية الوطنية، وفرض معطيات جيو استراتيجية جديدة عززت أوراق المملكة في الصحراء المغربية من خلال تأمين الخطوط الجنوبية في المنطقة العازلة التي ظلت البوليساريو تعتبرها مناطق محررة..

  • لم تكن ملحمة الكركرات معركة بالمعنى التقليدي للحرب الميدانية التي يتقابل فيها جيشان، لأن المغرب حسم كل شيء لصالحه يوم ارتفع جدار أمني يعتبر معجزة في تاريخ الخطط العسكرية، ففي منتصف أكتوبر 2020 قام مجموعة من ميليشيات المرتزقة بوضع خيامهم في المعبر الحدودي، ومنعوا الشاحنات من العبور وعمدوا إلى تخريب الطريق الوحيد الذي تعبره من المغرب نحو باقي الدول الإفريقية، اتسع صدر المغرب الذي لجأ إلى المحافل الدولية لإبراز الوجه غير المشرف لميليشيات البوليساريو الذين تحولوا إلى قطاع طرق يصولون ويجولون..

    في فجر يوم الجمعة 13 نونبر 2020، دقت ساعة الحقيقة، حين حسمت القوات المسلحة الملكية الأمر، في ظرف نصف ساعة، فر أفراد البوليساريو تاركين نعالهم وخيامهم، وانتهت عنترياتهم في قلب المعبر الحدودي، معركة بدون قطرة دم، تدخُّلٌ بدون إطلاق رصاصة واحدة أمام عدو جبان، فرت عناصره مثل الكلاب الضالة في قلب الصحراء.. نصف ساعة كانت كافية لينعطف التاريخ نحو وجهة جديدة، عبر تأمين المعبر الحدودي للكركرات وتوسيع الجدار الأمني حتى المحيط الأطلسي بتخطيط عبقري لمهندسي القوات المسلحة الملكية في ظرف جد وجيز، وعادت الحياة التجارية لسابق عهدها، لكن المعبر لم ولن يعود لما كان عليه أبدا، ليس فقط لأنه متنفس أساسي للمغرب اتجاه امتداده الإفريقي، بل لأن ملحمة الكركرات قطعت كل الأطماع الجزائرية القديمة حول النفوذ إلى واجهة المحيط الأطلسي، لذلك ركب السعار عسكر الجزائر وبدوا مثل «دون كيشوت» يحارب طواحين الهواء ويهاجم بسيف خشبي مستخدما قطيعا من الخرفان معتقدا أنها جيوش حقيقية.

    خلال سنة من ملحمة الكركرات جرت مياه كثيرة تحت الجسر، جاء الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، وتكللت معركة دبلوماسية القنصليات والسفارات بفتح بلدان عديدة وازنة سفاراتها بكل من الداخلة والعيون، بالإضافة إلى القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي والذي تبدو صياغته المحبوكة بإحكام من صناعة أمريكية، بالإضافة إلى باقي الدول الأصدقاء الأعضاء بمجلس الأمن الدولي، والذي دفع الجزائر لتعلن لأول مرة عن خيبتها ودخولها في مواجهة مع المجتمع الدولي، لأن قرار إعلان مقاطعة جلسات المفاوضات المباشرة، مباشرة بعد تعيين المبعوث الأممي الجديد، ليس له من معنى سوى تبخيس كل الجهود الدولية لمحاولة إنهاء النزاع المفتعل بالصحراء المغربية، وإقبار عقود طويلة من المفاوضات ومحاولات البحث السلمي المتوافق عليه، بالعودة إلى المتعذر إنجازه على أرض الواقع كما استنتج ذلك جل المبعوثين الأمميين السابقين في المنطقة.

    نحتفل اليوم بالذكرى الأولى لملحمة الكركرات، التي تأتي في سياق احتفاء المغاربة بذكرى المسيرة الخضراء يوم 6 نونبر الماضي، إن الأمر أشبه بوصل الماضي بالحاضر في أفق بناء مستقبل أفضل في المنطقة.. إنه الانتصار للحق الوطني الذي يجمع لحمة كل المغاربة بتراب وطنهم، ويجسد ذلك التلاقي بين الأمة والعرش في سبيل وحدة المغرب غير المنقوصة من شبر واحد والتي سقاها الآباء والأجداد بدمائهم، ولا زال الأبناء اليوم وغدا مستعدين أن يلبوا نداء الوطن إذا ما دعاهم، لأن المغرب يجنح للسلم لكنه مستعد للدفاع عن حدوده مهما كانت التكلفة باهظة.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    بنسعيد يبرز جهود المغرب للانخراط بالسوق التي تحقق أكثر من 300 مليون دولار