بوح الأحد: سقطة زيان في معركة الريع، الجزائر دقة تابعة دقة ومازال العاطي يعطي

بوح الأحد: سقطة زيان في معركة الريع، الجزائر دقة تابعة دقة ومازال العاطي يعطي

A- A+
  • بوح الأحد: سقطة زيان الأخيرة في معركة الريع، الجزائر دقة تابعة دقة ومازال العاطي يعطي، حكومة ولد أحماد أولحاج المجموعة بثاء التأنيت وأشياء أخرى.

    أبو وائل الريفي

  • مؤشر آخر على أن أمورا كثيرة تتغير في المغرب في اتجاه القطع مع زمن ولى،  زمن ألفه البعض واغتنى منه وتسلط على رقاب المغاربة بواسطته فصار يظن نفسه الآمر الناهي. للأسف، ما زال زيان واحدا من هؤلاء. الوزير السابق لحقوق الإنسان والمحامي النقيب، يتنطع ويزايد على السلطة القضائية ويغالط الرأي العام ويصر على الكذب ليبرر استيلاءه على أملاك وقفية بدون موجب حق. لقد ألف زيان الرضّاعة ونسي أن زمن الرضاعة مؤقت مهما طال وأن الفطام ثابت لا محالة، ولكنه لم يكن مهيأ له ويعاني معاناة مضاعفة للتأقلم معه لأنه من جهة غير مهيأ ومن جهة ثانية يرفضه كما يرفض أن يتساوى مع غيره من المغاربة في الحقوق والواجبات. ما يزال زيان يتصور نفسه “الصبع” وأنه ب”تخراج العينين” ورفع الصوت و”تخسار الهضرة” يخيف القضاء وكل المؤسسات. حتى السبع راه عنده عمر يا زيان وليس بعد القوة إلا ضعفا وشيبة وأرذل العمر، ومن أراد الله به خيرا يجنبه أرذل العمر الذي يصبح فيه مَضحكة يتنذر بها زملاؤه قبل خصومه. لم يحترم زيان شيبته التي يجب أن تفرض عليه الوقار وتمنحه حكمة التصرف فسقط في شباك من تصغره سنا بعقود من الزمن ووضع نفسه في وضع حرج أمام أقربائه و أمام العالم وعرض نفسه لسخرية ما بعدها سخرية. إنها سخرية الشيخ الذي يعود لمراهقته. لم يزد العمرَ زيان إلا صبيانية ومراهقة وإصرارا على الوقوف في وجه حكم التاريخ ظنا منه أن له من القوة ما يجعله يوقف عجلة التطور. أصر على الاستفراد بحزب “الصبع” فجاءه التغيير من داخل الحزب و تم الإعتراف بالقيادة الجديدة للحزب في التجمع العالمي للأحزاب الليبرالية  وأصر على حشر أنفه في كل الملفات أمام المحاكم ليستقوي بها فقط ويساوم بها المخزن على الريع الذي يراه مهددا فصار نذير شؤم على كل الملفات التي يتولى الدفاع عنها لأنه أفرط وبالغ في تسييس كل قضية يترافع فيها حتى صار عنوانا للفشل، وأصر على الظهور بمظهر المقرب من القصر ورجل الدولة الذي له علاقات نافذة فكان التجاهل مصير كل خطواته، ومنها رسالته إلى الديوان الملكي التي سربها إلى موقعه الإلكتروني البئيس مباشرة بعد إرسالها متناسيا التقاليد المخزنية أو متصورا أنه يضغط على المخزن بنشره رسالة موجهة إلى الديوان الملكي، وأصر على تزوير الحقائق مدعيا أن الحكم بالإفراغ الصادر عن القضاء تجاه ملك وقفي يستغله بدون موجب حق، وهو في اسم دافيد عمار، هو مكتب محاماة. لم يستحي الشيخ زيان وهو يضع يافطة المحامي على باب المحل لحظة تنفيذ الحكم. تكذب على من يا هذا؟ هل على القضاء؟ أم على جهات التنفيذ؟ أم على زملائك في المهنة؟ أم على الشعب؟ هل تظن أن نشر موقعك الميت، الذي لا يحمل من الحياة إلا اسما على غير مسمى، لخبر بهذا الشكل يمكن أن يضلل الرأي العام؟
    حبل الكذب قصير دائما، والجواب القاصم جاء هذه المرة من أسرتك المهنية وهي تضع النقط على الحروف وتنور الرأي العام بشأن المحل الذي حولته في خيالك إلى مكتب محاماة ورتبت على ما وسوس لك به شيطانك آثارا قانونية. اجتمعت هيأة المحامين بالرباط التي ينتمي لها المحامي زيان لمناقشة قرار إفراغ المحل الكائن في 13  العمارة 345 بشارع محمد الخامس وأصدرت بيانا بعد مناقشة مستفيضة وبعد الاطلاع على وثائق الملف لتخلص إلى أن الحكم القضائي القاضي بإفراغ المحل لا علاقة لزيان به لأنه ببساطة صدر في مواجهة شخص آخر هو دافيد عمار، وبخصوص علاقة المحل بمكتب المحامي زيان خلصت إلى أنه يتواجد قبالة مكتب النقيب زيان، ويفصلهما محل ثالث. والأهم أن مكتب زيان لم يتعرض لأي ضرر ولا يزال يمارس بعنوانه المهني الرسمي. ولسد فم النقيب السابق نهائيا رمى البلاغ بالكرة في ملعب زيان مشيرا أن هيئة المحامين لم تتلق أي مراسلة في الموضوع من طرف المعني بالأمر، من أجل الدعم والمساندة، قبل مباشرة إجراءات الإفراغ.
    لماذا بلع رسميا زيان لسانه إذن؟ ولماذا لم يجرؤ على مراسلة هيأة المحامين؟ وهل يعقل أن يخرج رجل قانون للتنديد بحكم قضائي في وسائل الإعلام المفتوحة دون أن يلجأ لوسائل القانون؟ أي صورة يقدمها عن مؤسسات الدولة النقيب السابق والوزير السابق وكل شيء عند زيان مرتبط بالسابق، وهذا شيء عادي لأنه لا يمكنه أن يعيش زمنه وزمن غيره فهذا شطط في حق أجيال. وإن لم يرتدع من تلقاء نفسه فلا يمكن الاستسلام لنزواته وشهواته التي يبدو أنها لا حد لها. قلتها في بوح سابق أن زيان سيكتشف أنه كَامْبُو كْبِير، وأزيد على ذلك اليوم بأنه سيكتشف أنه بيريمي (منتهي الصلاحية) وضرره على كل من يتعامل معه مؤكد. طريقة اشتغال ومنطق عمل زيان كافيان لجعله في خصومة وعداوة مع كل من يحتك به لأنه صار دون كيشوت معزولا عن الواقع. للأسف، زيان صار يصطنع الشجاعة فقط لإطلاق رصاصه الفارغ على المخزن لأنه يعرف أن لا أحد سيرد عليه، فالكل يعلم أن الرد عليه هو مطلبه ولا يمكن للمخزن أن يساهم في تلبية رغبات الشيخ القادر على توظيف تلك الرغبة في ما يضره ويسيء اعتباره إن بقي له من الاعتبار نصيب. المخزن كبيييير و زيان أصبح كتابا مفتوحا أمام المغاربة ومشكلته معهم أساسا لأن الكل صار يعرف ما كان ينعم فيه من ريع بدون وجه حق، وفضحه زملاؤه بعد أن عروا حقيقة كذبه على الرأي العام الذي لن يصدق تبوحيطه بعد اليوم.
    لم يتحل زيان كعادته دائما بالصراحة والشجاعة ليحاجج بالدليل بيان هيأة المحامين وهو يعلم سبب ذلك ومتأكد من صحة كل ما جاء فيه، فأطلق موقعه الميت لينهش في لحم زملائه بالبهتان والكذب ليصرف نظر الرأي العام عن حقيقة الملف متجاهلا أن الإفراط في تسييس قضية بسيطة سيعود عليه بالآثار المعهودة. لو كان زيان حريصا على ملفات موكليه وعلى السر المهني لما وضعها في محل غير مكتبه. وهذه وحدها تستحق من موكليه متابعته بتهمة تضييع الأمانة وعدم الحفاظ على وثائق موكليه. ولو كان شجاعا ومتأكدا من سلامة موقفه القانوني لالتجأ مبكرا إلى هيأة المحامين لوضع شكاية تظلم لديها ولكنه لن يستطيع فليس هناك ما يثبت أن المحل له أو أنه مكتب محاماة، وهو أدرى أن مؤسسات الدولة لن تخضع لنزوات زيان الذي يستعمل ملفات موكليه لإدامة استفادته من الريع ومن امتياز لا يستحقه بحكم القانون.
    أعرف مسبقا أنه يتصور نفسه “الصبع”، وسيحرك خلاياه النائمة كالعادة بدءا بموقعه الميت وقد تم ذلك بسرعة البرق، ومرورا بوهيبة الموضوعة رهن إشارته والتي قد تخرج بفيديو جديد يضع زيان ومحمد رضى نصه وتتلوه المسكينة بتلعثم وأخطاء لأنها لا تعي ما تقرأ، وسيوظف الطوابرية كالعادة اللي واقفين في “الموقف” ديال النضال ينتظرون بريكولات للقضاء على البطالة التي يعانون منها هذه الأيام، وأولهم المعطي الذي يبحث عن كل ما يحيي به قضيته التي بات يشعر أنها لم تعد تحرك تعاطفا وسط المغاربة فبات رهانه على الخارج ظنا منه أن استقدام محام من الخارج كاف لتسليط الضوء على محاكمته. ينسى المعطي أو يتناسى عمدا أنه مطالب أمام المغاربة بتفسير سبب اغتنائه، ومصدر الأملاك التي في حوزته، والدفاع عن نفسه أمام القضاء لأن ملفه قضائي أولا و أخيرا. لقد ضيع سنوات لربح هذا الرهان وفشل. لم ينجح في الضغط من الخارج على البلاد لأن في المغرب مؤسسات وفصل سلطات واستقلالية قضاء. في المغرب لا يُتصور حل غير قضائي لملف قضائي ويسلك مسطرة قضائية. أولى أن يُدافع عن نفسه أمام القضاء، و”التزرييط بزاف” لن ينفعه. ليس أمامه إلا إعداد دفاعه وتهييء أدلته وإظهار براءته، ودون ذلك فأنه يضيع وقته ومجهوده. أعرف مسبقا أن زيان يشغل كالكركوز محمد رضى الذي يزين له شر أعماله لأنه حاقد مثله والسبب هو الفشل وليس شيئا آخر. ليعلم كل الطوابرية أن الضغط للابتزاز لن يجدي نفعا، ومن أراد الاستفادة من خيرات البلاد عليه خدمة البلد أولا ولن يأخذ غير حقه بالقانون. أكل الغلة وسب الملة لا يستقيمان. ومن لم يلتقط الرسالة فستعلمه الأيام. وبالتأكيد سيفهمها ولو بعد حين، ولكن قد يفوته الزمن حينها ولن تتاح له فرصا للاستدراك. لنترك زيان والطابور الخامس إلى ما هو أهم.
    الجزائر دقة تابعة دقة وشكون يحد الباس. لا تكاد الجزائر تخرج من مشكلة حتى تسقط في أكبر منها والسبب أن البلاد لا تحكم من طرف رجال دولة ولم تعد تحكمها سياسة ولم تعد قراراتها تخضع لمنطق. شنقريحة ومجايلوه من المشايخ هربوا الحكم للقيادة العامة العسكرية واستفردوا بالقرار وصاروا يفكرون في حماية وضعهم ومصالحهم فقط وتبون ينفذ بدون جدال أو مناقشة.
    تصريحات ماكرون المنسوبة إليه والمنشورة في لوموند والتي لم ينفها قصر الإليزيه قطعت آخر شعرة كان يرغب العسكر في الحفاظ عليها تجاه فرنسا. هل كان خطأ أن تتسرب تلك التصريحات من ماكرون تجاه حكام الجزائر بتلك القسوة وتجاه الجزائر بذلك الإمعان في الإذلال؟ هل كان مقصودا نشر تلك التصريحات بالتزامن مع مطالب جزائرية باعتذار فرنسي عن الجرائم الاستعمارية الفرنسية تجاه الجزائر؟ بالتأكيد لا. وهل أخطأ ماكرون وهو يصف النظام الجزائري بالمعتل والرئيس بالرهينة لهذا النظام؟ بالتأكيد لم يخطئ. وبالتأكيد فإن الحسابات الانتخابية ومسايرة منطق المزايدات من طرف ماكرون سيملأ الساحة الانتخابية بمثل هذه الخرجات في الشهور القادمة، وقد اكتشفت النخبة الفرنسية أن الجزائر موضوعا انتخابيا بامتياز حيث شنت مارين لوبن و إيريك زمور بعد ذلك حملة عدائية على الجزائر والجزائريين في فرنسا داعين إلى حرمانهم من التأشيرات ووقف تحويلاتهم البنكية واتخاذ لغة صارمة جدا وأكثر وضوحا ضدهم لأن فرنسا هي من يقرر من يدخل إليها ومن يخرج منها. لا نفتأ نؤكد أن  إدراج هذه الملفات في الحملات الانتخابية مجرد مزايدات مجانية ولعب بالنار تتضرر منها فرنسا قبل غيرها. وهذه حقيقة لا يمنعنا الخلاف مع حكام الجزائر من الجهر بها لأن الأمر يتعدى الحكام إلى الإضرار بشعب وبلد مجاور صرح الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة أن المغرب لن يكون لهما إلا سندا وداعما. “ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى”. للأسف، فرنسا تصنع عداوات مجانية في أكثر من بقعة تخسر بها رصيدها ومواقعها الاستراتيجية كما يحدث في مالي هذه الأيام وفي غيرها. ولكن ما يحز في النفس هو رد فعل حكام الجزائر. هل استدعاء السفير وغلق الأجواء كافيان تجاه تصريحات ماكرون التي أنكرت وجود أمة جزائرية قبل الدخول الفرنسي؟
    لنقارن رد فعل حكام الجزائر تجاه تصريحات السفير هلال التي لم يقصد بها نهائيا الدعوة للانفصال ولكنها أتت في معرض سجالي فقط. لماذا كان التصلب الجزائري سيد الموقف؟ لماذا تجاهل تبون والمتحكمون فيه الخطاب الملكي واليد الممدودة وتمادوا في الإجراءات الأحادية؟ هذا مثال فقط يبين أن قرارات الجزائر لم تعد محكومة بمنطق واحد. يستحق الجزائريون دائما، وفي هذه الظرفية بالذات، نظام حكم أفضل يتصرف بالحكمة اللازمة ويفكر بأولوية في مصلحة الجزائريين قبل مصالح الحكام، وهذا ما يعيه الجزائريون الذين صارت شعاراتهم حول الدولة المدنية تحتل صدارة المطالب مقارنة مع المطالب الأخرى الاجتماعية رغم سوء الأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية. صار الجزائريون يعون جيدا أن سبب مشاكلهم أساسا هو النظام العسكري.
    الضربة الثانية أتت هذه المرة من الأمم المتحدة. فرغم المجهودات التواصلية التي بذلها لعمامرة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة لإقناع المنتظم الدولي بصواب قطع العلاقات مع المغرب جاء الرد سريعا من الأمين العام في تقريره لمجلس الأمن يدعو فيه الطرفان إلى تحسين العلاقات بينهما ويبدي قلقه من تدهور العلاقات بينهما وانعكاسها على مسلسل التسوية الأممي لقضية الصحراء. هذا ما كررناه في أكثر من بوح ونحن نقول بأن علاقات مغربية جزائرية جيدة تتجاوز مجرد مصلحة مشتركة للبلدين يلزم أن يكونا أحرص عليها من غيرهما إلى مصلحة إقليمية ودولية لأنها بوابة لتحصين المنطقة من انتشار الإرهاب والجريمة وتجارة الممنوعات والهجرة غير النظامية.
    الضربة الثالثة تضمنها تقرير ڭوتيرس وهو يتحدث عن إنجازات المغرب على الأرض، وهو يذكر بمشاريع التنمية في المنطقة وحجم الاستثمارات المغربية بها ومشاريع فك العزلة عنها وربطها بمحيطها وتزايد الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وفي مقدمتها طبعا الاعتراف الأمريكي، وافتتاح القنصليات بها بما يعنيه من دلالات سياسية ودبلوماسية. كيف سترد الجزائر والأداة الطيعة لها على هذا التقرير وهو يعترف بأن الجزائر طرف أساسي في هذا الصراع؟ كيف سترد الجزائر عن هذه الإنجازات وهي التي تبقي على أوضاع الصحراويين في مخيماتها في مأساة إنسانية منذ عقود لتستدر بها عطف المنتظم الدولي وتتصرف في المساعدات الدولية بغير ما يخدم الموجهة إليهم أساسا؟
    لقد شكل هذا التقرير ضربة لكل جهود لعمامرة التي حاول بها ملء فراغ تركه البوليساريو الذي انتهت كل ألاعيبه. هذا من أكبر مكاسب المغرب دبلوماسيا وسياسيا. لقد اعتاد بوليساريو الخارج والداخل الرفع من نشاطهم خلال هذه الآونة تزامنا مع تقديم تقرير الأمين العام لمجلس الأمن، فمرة يناورون بملف حقوق الإنسان، وأخرى يناورون بثروات المنطقة، ومرة ثالثة يناورون بالاتفاقيات مع الاتحاد الأوربي، ومرات يناورون بمنع حقوقيين وصحافيين من دخول المنطقة. انقضت كل الألاعيب ولم يعد في جعبة البوليساريو جديدا، والفضل يرجع لحماة الجدار الذين خبروا كل هذا الدهاء والمكر فصاروا يطوقون مفعوله بطريقة استباقية يعرون به البوليساريو ويورطون الجزائر لتظهر مباشرة في الصورة كطرف أساسي في هذا النزاع المفتعل. لم يستطع لعمامرة بجولاته المكوكية تغطية الفراغ وسيصدر التقرير مؤكدا على أن مبادرة الحكم الذاتي إطار جيد للحل النهائي لملف الصحراء. والكرة في ملعب الجزائر مرة أخرى. هل تريد حلا أم تريد مزيدا من تضييع الوقت وجهود مجلس الأمن. ونصيحة للجزائريين من مشفق على ما آلت إليه أوضاعهم. لعمامرة قديم وأساليبه عتيقة وعمله الدبلوماسي موروث عن عهد الحرب الباردة ويحمل عقيدة عدائية للمغرب تحجبه عن رؤية مصلحة الجزائر. المؤشر الوحيد عنده الذي يقيس به مصلحة الجزائر هي حجم الضرر الذي يلحقه بالمغرب. والمغرب أكبر من أن يصاب بضرر من مثل هذه الدبلوماسية المعطوبة.
    ستتوالى الضربات تباعا على حكام الجزائر وسيدفع ثمنها الجزائريون من سيادتهم وثرواتهم ومستوى عيشهم وحريتهم, ولن يوجد من “يحد الباس” طالما بقي النظام الجزائري كما هو.
    لم يكد يعلن الحكم الابتدائي للمحكمة الأوربية حول الاتفاقيات بين المغرب والاتحاد الأوربي حتى تعالت أصوات بعض الطوابرية فرحة و”مبشرة” بالويل والثبور الذي سيصيب المغرب. هم كما أقول دائما يفرحون فقط لما يضر المغرب ويصيبهم الخرس في كل ما فيه مصلحة للمغرب. لقد خانهم التحليل مرة أخرى وتناسوا أن الإضرار بالمغرب غير متحقق لأن أمام المغرب حلولا بديلة كثيرة لا يلجأ إليها لأنه يحترم جواره ويعتبر شراكته مع الاتحاد الأوربي خيارا استراتيجيا لا يخضعه للمزايدات الظرفية وللتكتيكات الهدامة. المتضرر الأكبر من هذا الحكم هو الدول المستفيدة وسط الاتحاد من هذا الاتفاق، وقد صرح بذلك وزير الفلاحة والثروة السمكية الإسباني لويس بلانس أمام مجلس الشيوخ الإسباني حين أكد بأن “اتفاقية الصيد البحري أولوية بالنسبة لإسبانيا لما لها من أهمية بالنسبة للصيادين في بلادنا، لاسيما أساطيل جهة الأندلس وجزر الكناري وكاليسيا. وبأن الحفاظ على الاتفاقية سيتيح تعزيز العلاقات الثنائية مع المغرب. وبأن اسبانيا ستدافع عن مصالح الصيادين الإسبان الذين يمارسون أنشطتهم في مناطق الصيد المغربية”. ليطمئن الطوابرية فمصالح المغرب لن تتضرر، ولذلك فالمغرب ليس طرفا في تلك الدعوى وأمامه خيارات كثيرة للدفاع عن مصالحه. الحمد لله صار المغرب مطلوبا في المنتظم الدولي، ولم يعد يخضع للابتزاز، ويدبر علاقاته الدولية بتنوع وتوازن مستحضرا مصلحة الوطن أولا وأخيرا.
    انتهت آخر حلقة من مسلسل انتخابي في ظرفية استثنائية نظمه المغرب بنجاح شهد به المنتظم الدولي. اكتمل تشكيل المؤسسات الوطنية والجهوية والمحلية. افتتح البرلمان بخطاب الملك الذي أثبت مرة أخرى الدور المحوري لهذه المؤسسة في البلاد ونظرتها الاستراتيجية لكيفية تدبير شؤونه لقربها من هموم المغاربة بمختلف شرائحهم. تشكلت الحكومة إذن والاختبار الأول هو تصريحها الذي ستنال به ثقة البرلمان لنرى هل سيستحضر انتظارات المغاربة وتنزيل الأوراش الكبرى المفتوحة. والموعد كذلك مائة اليوم الأولى لنرى هل قدمت الحكومة الإشارات المطمئنة أم لا. انتهت الانتخابات وفي قلب أبي وائل شيء من حتى. عار أن تكون التمثيلية النسائية في الغرفة الثانية ناقصة ولا تساير توجهات المغرب ومكانة النساء فيه. للأسف، كانت رسالة سلبية بعثتها الأحزاب التي أكدت مرة أخرى أنها لا تخضع إلا لما يقرر جبرا ضمن الكوطا التي هي تدبير اضطراري مؤقت وانتقالي. التمكين للنساء والشباب أولوية في عمل الأحزاب، والتجديد في النخب حاجة وطنية قبل أن تكون مصلحة حزبية. وهذه مناسبة للتنويه بتشكيلة الحكومة وحجم الحضور النسائي فيها والحقائب النوعية التي يتولينها. لأول مرة تحضر النساء بهذا العدد وهذه النوعية الجيدة وببروفايلات سيكتشفها المغاربة ويكتشف معها أن الطابع الذكوري للمؤسسات ليس قدرا في مغرب المستقبل وأن الفرصة فقط ما ينقص المغربيات ليثبتن أحقيتهن في الوصول إلى مراكز القرار.
    يحسب لهذه الحكومة أنها حطمت جل الأرقام تقريبا، بدءا من تاريخ تعيين رئيسها من قبل جلالة الملك، ومرورا بتاريخ الإعلان عن أعضائها، وطابع السرية الذي طبع سير مفاوضاتها، والعدد المقلص للأحزاب المكونة لها، والعدد المقلص لوزرائها جيد مقارنة مع طبيعتها الائتلافية، والعدد الكثير للوجوه الجديدة ضمن تشكيلتها، ونسبة الحضور الشبابي والنسائي فيها، وجمعها بين معياري الانتماء الحزبي والكفاءة والخبرة، وانتهاء بهندستها التي تتماشى مع طابعها السياسي. لم يبق إلا أن نقول حي على العمل للاستجابة لانتظارات المغاربة وتنفيذ الوعود التي أطرت برامج الأحزاب في الانتخابات. والشعب والإعلام والمجتمع المدني سيتابع ذلك لحظة بلحظة. ومطلوب من المعارضة أن تكون في مستوى الحدث كذلك كحكومة ظل. بهذا فقط سيكون للانتخابات مفعولا، وسيكون لصوت المغاربة معنى، وسنخطو خطوة متقدمة لمصالحة المغاربة مع السياسة والأحزاب والمؤسسات والانتخابات. وهذا هو المطلوب.
    نتابع كل هذه الملفات مستقبلا إن شاء الله. نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الرباط : بوريطة يستقبل شقيق رئيس المجلس الرئاسي الليبي والوفد المرافق له