بوح الأحد: نصف انتصار على إسبانيا في ورطة غالي في انتظار الباقي ومعركة الإخوان

بوح الأحد: نصف انتصار على إسبانيا في ورطة غالي في انتظار الباقي ومعركة الإخوان

A- A+
  • بوح الأحد: نصف انتصار على إسبانيا في ورطة غالي في انتظار الباقي ومعركة الإخوان لضرب استقرار تونس ونكسات الطوابرية التي لا تنتهي وأشياء أخرى     
    أبو وائل الريفي
    يتميز المغرب إقليميا بابتعاده عن منطق الاصطفافات الفارغة، وبحرصه على خدمة المصلحة العربية والإسلامية بدون حسابات. ويحسب له أنه لا يخلط بين الملفات وله قدرة كبيرة على الفصل بينها والتمييز بين الخلافات الظرفية ذات الصبغة المؤقتة وبين العلاقات ذات الصبغة الاستراتيجية. وهذا الأمر يعيه من خبر هذه الدبلوماسية جيدا في اللحظات المفصلية، ولذلك لم يتفاجأ المغاربة من تصريح الرئيس الأسبق للحكومة الإسبانية خوسيه لويس رودريغيز ثباتيرو الذي كان في الحقيقة اعترافا عكس حقيقة وطينة وحكمة الاشتراكيين الإسبان العمالقة الذين فهموا المغرب وخبروا الخطوط الحمراء التي لا يتسامح بشأنها وهي المعاملة بالمثل والاحترام المتبادل. لقد صرح ثباتيرو هذا الأسبوع في حديث مع تلفزيون “كانال سور” بأن المغرب كان دائما شريكا جديا وديناميا ومخلصا تجاه إسبانيا في محاربة الإرهاب الجهادي وفي سياسة الهجرة. فهل كان فقط يلقي بالورود على المغرب أم هي الحقيقة؟
    الجواب عن هذا السؤال كان واضحا من خلال قيام المغرب بمهامه العادية رغم هذا الخلاف المغربي الإسباني الذي تسعى جهات وسط اسبانيا لتوسيع دائرته ليصبح خلافا مغربيا أوربيا. لقد أحبطت عناصر فرقة الشرطة القضائية بمدينة الناظور وسط هذا الأسبوع محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجزت خمسة أطنان و30 كيلوغرام من مخدر الشيرا بمنطقة “فرخانة”. وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها المغرب بذلك.
    لم يقتصر ثباتيرو على الإشادة بتعاون المغرب، بل أصاب الحكومة الحالية في مقتل عندما صرح بأن مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب يظل الأساس لكل تسوية لهذا النزاع الإقليمي.
    إن جيل العمالقة من الساسة الإسبان كانوا يعلمون حقيقة الدور المغربي وجدية المغرب في تمتين الثقة مع الإسبان ويعون أن علاقات جيدة بين الطرفين مصلحة مشتركة لهما بالتأكيد ولكنها متعدية كذلك للقارتين معا.
    ثباتيرو لم يكن لوحده من العمالقة الذين نبهوا رئيس حكومة إسبانيا إلى أخطائه وزلاته في تعامله مع المغرب، فليس هناك أبلغ من تصريحات خوسي بونوجنرال رئيس سابق المخابرات الخارجية الإسبانية ووزير دفاع أسبق الذي قال بأن عدم الاعتراف بمساهمة المغرب في إنقاذ أرواح الإسبان من خلال تحييد الخلايا الإرهابية هو بمثابة انتحار للحكومة الإسبانية، بدون أن ننسى وزير خارجية إسبانيا السابق خوسي مانويل ڭارسيا مارغالو الذي طالب بشكل صريح من حكومة بلاده إعادة النظر في مواقفها من قضية الصحراء في السياق الجيوستراتيجي الجديد في المنطقة.
    إنها أصوات العارفين بحقيقة المطبخ الداخلي لإسبانيا الذين يعرفون قدر المغرب وحقيقة تعاونه الصادق مع إسبانيا.
    فالمغرب لا تهمه أصوات اليمين الفاشي التي تحركت للدفاع عن المنطق الكولونيالي والاستعلائي والشوڤيني، فهي أصوات معروفة وينضاف لها كل مرة الصحفي سمبريرو الذي يقدم نفسه على أنه “فاهم المغرب”، فإذا به يظهر على أنه لا يفهم شيئا وأنه تجاوزته تطورات الأمور.
    الخبير الذي تجاوزته الأحداث لعب دورا قذرا مناهضا للمغرب من خلال الدعوة إلى تزييف الحقيقة ومصادرة صور المهاجرين الأفارقة في الدعاية الحكومية الإسبانية والتركيز على صور المراهقين المغاربة الذين “حرڭوا” إلى إسبانيا.
    المغاربة يعرفون سمبريرو من أيام عطاءات البصري على هامش الحج السنوي لسمبريرو للمغرب، ويعرفون كل ارتباطات سمبريرو الداخلية وعلاقاته منذ الزمن الأول، وكيف كافأه صاحبه الأمير المنبوذ الذي أعطاه خمس مرات ثمن السوق لقاء ترجمة كتاب “المنبوذ” إلى اللغة الإسبانية.
    المغرب لا ينتظر من سمبريرو أن يدافع عنه أو أن يدافع عن المشترك بين إسبانيا والمغرب ولن يستجيب، لابتزازه فالزمن غير الزمن.
    لا يطلب المغرب من اسبانيا للحفاظ على علاقة جيدة معه أن تكون على حساب طرف آخر، ولكنه يطلب أن لا تكون علاقة اسبانيا مع أطراف أخرى على حسابه وبإساءة للمغاربة الذين وصلت رسالتهم للحكومة الإسبانية من خلال البرلمان والأحزاب والحكومة وكل الوسائط المتاحة. ولن يفيد الحكومة الإسبانية نهائيا القفز على حقيقة المشكل والمناورة بتحويره لاستمالة تعاطف جزء من الرأي العام الإسباني لأن حبل الكذب قصير ولا يمكن أن تدوم هذه المناورات طويلا.
    إن هذا الحدث وغيره فرصة أخرى لنفهم أن علاقات المغرب تؤطرها مبادئ دبلوماسية راسخة لا تزعزعها تحولات ظرفية، ولا تضعفها نزوات هذا أو عنتريات ذلك. وتسارع الأحداث يؤكد دائما صواب مواقف المغرب وحكمة قراراته.
    لا يسع المتابع إلا أن يتأسف على المنطق الانتهازي الذي صارت تسلكه بعض الأطراف الإقليمية والذي صار صفة ملازمة لها. فلم تكد الحرب على غزة تنتهي حتى بدأ التسابق على الريادة الإقليمية بين مهووسين بالزعامة، ولو باختلاق أباطيل من الصعب تصديقها، ولكن، للأسف، كل شيء يجوز لدفاع كل طرف عن حلفائه. آخر صيحة كانت تسريبا ادعى من خلاله موقع ميدل إيست آيMEE  حصوله على وثيقة خاصة بتونس وصفت بأنها “سرية للغاية” وقال الموقع بأنها مسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي تتحدث عن تفاصيل انقلاب وشيك في تونس ينقل كل الصلاحيات للرئيس في إطار دكتاتورية دستورية. فهل هذا صحيح؟ وهل هناك ما يسنده منطقا وأدلة؟
    اضطرت الرئاسة التونسية عبر مصادرها إلى نفي وجود هذه الوثيقة أو صحة هذه المزاعم. ولا يهمني من هذه الواقعة إلا ما يخدم حقيقة مثل هذه المواقع التي ظاهرها إعلامي ولكن حقيقتها خدمة أجندات دول عن طريق دعاية أقرب إلى الأراجيف وصفق الكلام. وهذه مناسبة للحديث عن الدور الذي يلعبه هذا الموقع البريطاني المنشأ والإنجليزي البث والقطري التمويل والإخواني الهوى وذي الخط التحريري الابتزازي لفائدة قطر وتركيا والإخوان. والذي يتحرك في لحظة معينة ضد هذه الدولة أو تلك الجهة عن طريق أقلام منها غالبا وبإيعاز من الجهات النافذة في الموقع لتستهدف تلك الجهات أو الدول إضعافا لدورها التي تراه القوة المتحكمة في الموقع منافسا أو خصما أوعدوا. ولست أحتاج التذكير بالمرات التي استهدف فيها هذا الموقع المغرب ومؤسساته في ظرفيات كانت واضحة خلفيات الهجوم على المغرب خلالها ولفائدة من وبواسطة من. فهذه أمور صارت معروفة بأهدافها وأدواتها.
    كيف لموقع يدعي أنه بريطاني أن ينشر نصا مرقونا مجهول الهوية بدون خط يد أو إمضاء وبدون ختم أو تاريخ أو توقيع ولا يعرف عن أي جهة صدر؟ كيف تنشر هذه المسماة وثيقة بهذه الطريقة وتتلقفها المواقع الإخوانية والقطرية لتنشرها خدمة لتيار النهضة المتوجس من تصاعد حدة الخلاف مع الرئيس قيس والمتخوف من أي خطوة يمكن أن تقدم عليها مؤسسات أخرى في الدولة؟ وطبعا يشاطره في التخوف قوى إقليمية تريد أن تبقي قبضتها على دول في شمال افريقيا للتموقع إقليميا.
    لا أدافع هنا عن الرئيس وفهمي للتجربة التونسية بسطته في هذا البوح أكثر من مرة قلت فيها أن أكبر خطأ وقعت فيه تونس ما بعد 2011 هو انتصارها لنظام برلماني لم تكتمل شروط نجاحه في البيئة العربية عامة، إضافة إلى أن الإفراط في الشق السياسي على حساب الأوراش الاقتصادية والاجتماعية سيجعل الشعب التونسي يرفض كل القوى في البلاد. ولكن أن يصل الأمر إلى حد استعمال مثل هذه الطريقة من طرف موقع يدعي الاستقلالية والحياد والمهنية فهذا يبين أن كل شيء صار مباحا ولو على حساب مصلحة تونس والتونسيين.
    وهذه مناسبة للتذكير بتلك الأقلام من المغاربة الذين يستغلون هذا المنبر كمنصة لقذف سمومهم وتفجير حقدهم على المغرب والمغاربة بأنهم مجرد أدوات لخدمة أجندة تخريبية تريد تركيع دول والعبث بأمنها واستقرارها. وهي رسالة لهم جميعا أن المغرب قوي بتجربته وتاريخه ومؤسساته وضماناته الدستورية والقانونية والمؤسساتية، وبملكه حامي الملة والدين وضامن دوام الدولة واستمرارها وهو الذي انتصر للخيار الديمقراطي في أصعب الفترات وأحرجها. لن ينفعكم ميدل ايست آي أو غيره والأيام بيننا.
    لا يخضع المغرب للضغط والابتزاز، ولا تؤثر في المغاربة تلك المقالات التي لا يقرأها إلا الطوابرية الذين يتقاسمونها بينهم، ولا يلبثون أن يتحسروا بعد أيام لأنها لم تحدث الأثر المنتظر في المغاربة. يحسبون أن مثل تلك الخربشات ستشعل فتيل ثورة كامونية أو قومة في الأحلام ولكن هيهات هيهات.
    لعبة الكتابة بالإنجليزية والاستعانة بخدمات إعلاميين أجانب ونسب المواقع إلى دول أجنبية لم تعد تنطلي على أحد، والكتابة الهاوية على مدونة مواقع مشهورة لم تعد تخدع إلا المبتدئين، والمقالات المكتوبة تحت الطلب بهدف تصفية حسابات مع دول تتمسك باستقلاليتها وسيادتها لن تركع شعوبا صارت تفهم أن خلاصها في استقرارها وقوة مؤسساتها. والالتفاف حول رموزها. وعبثا تحاول بعض الأقلام حين لا ترى مثلا في الخلاف الإسباني المغربي حقيقته التي لا يراها إلا من أصيب بالعمى والحقد على وطنه.
    ها هي فرنسا تضع الخلاف في إطاره الحقيقي دون تضخيم أو تقزيم، وتقول بأن توسيع دائرة الخلاف لتشمل كل الاتحاد الأوربي غير صحيح وقد يضر بأوربا من حيث لا تدري. وأزيد شخصيا بأنه خطأ استراتيجي ستتحمل تبعاته اسبانيا قبل غيرها لأنها ستورط الاتحاد كله في دفاعها عن اللامنطق وانتصارها لمنطق سياسوي مصلحي سيشكل سابقة لن تستطيع التخلص منها. فمنذ متى كان التمسك بالدوافع الإنسانية سببا لتعطيل سلطة قضائية مستقلة ورهن مصداقيتها بتقدير سلطة تنفيذية؟ ومنذ متى كانت الدوافع الإنسانية مبررا لتزوير الهويات والتستر على عبور حدود الدول؟ وأين سنصبح إن اقتدت دول كثيرة بهذه المقاربة؟ إنه الترخيص لنظام ومنطق التهريب والعصابات بعيدا عن أخلاقيات سلوك الدولة الملزم باحترام الشرعية والمشروعية.
    لقد كان الأولى لاسبانيا أن تنتصر للمبادئ ودولة القانون والمؤسسات، وهوما فشلت فيه للأسف عند أول اختبار تجاه المغرب الذي خرج من الوصاية والحماية منذ عقود ويرفض التعامل معه بمنطق استعلائي استعماري. تريد اسبانيا التحايل على مطالب المغرب وربح الوقت بادعاء الاستماع لزعيم الانفصاليين، المتورط في جرائم خطيرة وفق شكايات موضوعة أمام القضاء، عن بعد مدعية أن المسطرة مفتوحة في انتظار تهريبه مرة أخرى. أهذه سلوكات دولة تحترم نفسها قبل أن تحترم شركاءها؟ هل مثل هذه التصرفات ترضي الاتحاد الأوربي؟ ما موقف الطوابرية من مثل هذه التصرفات؟ هل بصمتهم الملحوظ يؤيدون جرائم بن بطوش؟ ما موقفهم من الشكايات التي وضعها متضررون؟ ولماذا لم يسمع لهم رأي تجاه القضاء الإسباني والحكومة الإسبانية؟ إنه اختبار المصداقية الذي سقطوا فيه جميعا وهم الذين لا يفوتون صغيرة إلا حشروا أنفسهم فيها.
    نحمد الله أن المغاربة ليسوا في حاجة إلى متاجرين بقضاياهم يميلون لمن يدفع أكثر، ونحمد الله أن للبلاد حماة بحس وطني لا يخضعون لابتزاز ويصنعون التفوق ميدانيا ودبلوماسيا وأمنيا ويكونون في الموعد دائما. والحمد لله أن جزءا من النخبة الأوربية والرأي العام الأوربي، بما فيه الإسباني، كان منصفا ورأى الأحداث بمنظار العدل والإنصاف فاعترفوا بدور المغرب كشريك في ملفات حساسة قام فيها المغرب بدوره الذي لن يدخر وسعا للاستمرار فيه اقتناعا منه أن الشراكة مع الاتحاد الأوربي خيار استراتيجي ومصلحة مشتركة.
    كنت أشرت في بوح سابق إلى صمت القبور الذي أصاب إيران وحزب الله أثناء قصف غزة حيث تركوها وحيدة ولم يحركوا جبهاتهم كما كانوا يكررون في كل الخطب الحماسية.
    مباشرة بعد انتهاء القصف، خرج حسن نصر الله في خطاب منتشيا بالنصر متبنيا نتائجه.
    لن أطيل الحديث في هذا الاتجار السياسي بالقضية الفلسطينية من طرف هؤلاء فهو مما صار معروفا، ولكن الحرص على التأزيم بلغ هذه المرة حد ادعاء أن المعادلة التي يجب الوصول إليها من طرف هذا المحور هي “القدس مقابل حرب إقليمية”، والمقصود بحرب إقليمية طبعا هي وقوف حزب الله وإيران متفرجين على انهيار البنايات وفقدان الأرواح وتداعيات كل ذلك على المنطقة ليستقوي بها محور يعيش أسوأ لحظاته ويبحث عن تقوية جبهته الداخلية باصطناع خصوم أو تبني انتصارات وهمية لم يطلق فيها ولو رصاصة من موقعه. أمثال هؤلاء لا يختلفون عن تجار المآسي والحروب. قد يغتنون طبعا ولكنهم لن ينعموا بتلك الأموال التي كانت على حساب آلام الأطفال والنساء والعجزة.
    استرعى انتباهي كثيرا الحالة الصحية لنصر الله الذي بدا منذ خطاب آخر جمعة في رمضان مريضا ونحيفا ومنهكا ويتنفس بصعوبة وكثير السعال. ورغم نفيه إصابته بكورونا فإن الأمر ينبئ بوضع صحي سيكون له تداعيات نفسية على أتباعه قبل غيرهم. وكما لاحظ من تابع الخطاب فإن وضعه الصحي لم يتحسن بعد مرور أسبوعين. وهو ما جعله يعتذر عن عدم ظهوره منذ آخر رمضان مبررا أنه كان يعاني من سعال شديد وكان يصعب عليه أن يتكلم أو يخطب. ولولا الطابع الإلزامي الذي تستلزمه المناسبة لما ظهر أمام الكاميرا في وضع ضعف وهو الذي ألف استعراض قوته.
    وإيران من جهتها غارقة في الإعداد لانتخابات رئاسية لا يعرف لها منطق ديمقراطي لأن قبول الترشيحات محكوم بقرارات مجلس صيانة الدستور التي لم يعد أكثر المعنيين بها يفهمون أسبابها فأحرى أن يفكوا شفرتها. للأسف، تعيد إيران تجربة الدولة التي تترك داخلها ينهار اقتصاديا واجتماعيا بينما تتوسع في الإنفاق دوليا لبناء قوة إقليمية تتهاوى يوما بعد آخر. وقد صارت الانتخابات لعبة تتأقلم مع متغيرات الساحة الدولية فتخدم نتائجها لخدمة كل ظرفية على حدة.
    لن ينسى من تابع قصف غزة كذلك اكتفاء تركيا اردوغان بالخطابات الحماسية دون أي دور في التهدئة. ووحدها مصر والأردن والمغرب والسعودية كانوا إلى جانب غزة والضفة والقدس منتصرين لفلسطين، كل فلسطين، سياسيا وإنسانيا واجتماعيا ودبلوماسيا.
    لن أفوت هذا البوح دون الحديث عن موضة الإضرابات عن الطعام المتقطعة التي يتم تدويلها بعدما ورط المعطي بنصائحه الماكرة كلا من سليمان وعمر راضي بالدخول في إضراب مفتوح للضغط دوليا. هل تضغط بهذا النوع من الإضرابات على القضاء؟ أم على من؟ ها هو الآن الإضراب وحل فيك أ المعطي فكيف تخرج أصدقاءك من هذه الورطة التي لم يكن لها أي سبب.
    لن يخضع القضاء للابتزاز بهذه الطريقة وإلا سيفشل في اختبار المصداقية والاستقلالية، وسيؤسس لعرف لن ينتهي في هذه الحالة. ولن تقصر مندوبية السجون في مهمتها للحفاظ على الوضع الصحي لنزلائها بتقديم الخدمة الصحية التي يتطلبها وضعهم، ولو كان البعض يعتبر لاكتشف أن شفيق العمراني خرج في وضع صحي غير كارثي كما رآه المغاربة يبحث عن فرصة للحديث إلى هذا المنبر أو ذاك دون شعور بإرهاق.
    وحده المعطي يتحمل مسؤولية ما سيؤول إليه وضع المضربين بعد طول عمر إن شاء الله، وسيفهمون أن هوسه بالانتقام أعمى بصره وبصيرتهلبأنه يستعمل أصدقاءه كأدوات مبيحا لنفسه توظيفهم ككاميكازات لخدمة هوى في نفسه.
    ولأن تجار المآسي كثر، ويحبون الاصطياد في الماء العكر، ويستغلون كل شيء للفت الأنظار إليهم فها هي وهيبة كذلك تريد أن تقول أنها ما زال عايشة وعندها قضية مسكينة ولو أن ما عندها ما تقول ولكن موجود من يكتب لها ما تجد صعوبة في قراءته ولكنها تقوم بدور لخدمة السيد.
    كلما أحس سيدها أن تقدم الأبحاث يشد عليه الخناق، تخرج صبيته لكي تردد ولو بصعوبة ما يملي عليها من صفق الكلام الذي يترجم النفسية المهزوزة لسيدها الذي فقد البوصلة بعد أن فقد كل شيء منذ أن دخل مرحلة التيه بحثا عن المال غير المستحق.
    ووحدها الأيام ستكشف صدق أبو وائل من غيره، فالمتأمل في حقيقة الأشياء سيلمس أن هناك أشياء كثيرة تغيرت في مغرب اليوم وأن منطق الابتزاز لم يعد فاعلا في استصدار قرارات أو إجراءات على حساب دولة القانون والمصالح العليا للمغرب.
    لم يخسر المغرب المعركة مع إسبانيا، وفي القابل من الأيام سيتأكد الجميع أن المغرب أدار المعركة بكفاءة عالية، وكل المعطيات المتوفرة تؤكد أن هناك أزمة عميقة داخل الحكومة الإسبانية بعد أن تجاهل رئيس الحكومة كل التحذيرات التي أطلقتها المخابرات الإسبانية حول التداعيات المحتملة لاستقبال إبراهيم غالي على العلاقات مع المغرب وكيف انفردت الخارجية الإسبانية بإدارة الملف على حساب المصالح المشتركة مع المغرب.
    والآن بعد أن تأكد رئيس الحكومة الإسبانية من صحة التقديرات التي أطلقتها جهات وازنة في الجهاز التنفيذي الإسباني، فهو يعرف أكثر من غيره الحل لعودة العلاقات إلى سابق عهدها من خلال إعادة مأسسة ثوابت التعامل ومرتكزاته وتثبيت الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها لإعادة الثقة وضمانا لمستقبل العلاقات بين البلدين، فكل المؤشرات تؤكد أن رئيس الحكومة يتجه إلى أخذ القرار الصائب الذي سيفاجئ الجميع لأن إسبانيا تبقى هي الرابح الأكبر من عودة الدفء إلى العلاقات مع المغرب على أساس المصالح المشتركة، فليس من قبيل اللغو أن يقول ثباتيرو أن العلاقات مع المغرب ضرورية لأمن واستقرار إسبانيا.
    لقد تصور البعض أن هبة المغرب للدفاع عن مصالحه الاستراتيجية سيجعله في موقف ضعف يؤهلهم لابتزازه في قضايا أخرى، لكن الحقيقة هي ما يرون لا ما يتوهمون.
     ها هو إضراب سليمان الريسوني سقط بين يدي عراب التأزيم الذي دفعه إلى خوض الإضراب عن الطعام بعد أن صور له أن الأمر يتطلب ثلاثة أسابيع، لكن ها هو وحل فيه بعد أن لعب مع زوجة سليمان ورقة الكفن والمأتم التي لم تؤت أكلها ولن تعطي أي امتياز خارج القانون، فمن يريد لسليمان الموت هم أهله وكل الذين ورطوه في لعبة الروليت الروسية، وليس التامك الذي يتحمل مسؤوليته كاملة في قول الحقيقة الأخرى.
    إذا اختار سليمان الموت فهذا اختياره الذي فرضه عليه أهله والذين معهم، فسليمان أحيل على المحكمة وهو موضوع متابعة في حالة اعتقال، فلا أحد يتمنى له الموت ولكن قراره بيده وليس بيد جهة أخرى. لقد ولى زمن ابتزاز القضاء والدولة، وليتحمل كل واحد مسؤوليته في إطار القانون، الأعمار بيد الله لكن الانتحار اختيار أيا تكون دوافعه فهو فعل إرادي يتحمل وزره في العمق تجار المآتم والأكفان الذين يتمنون جثة في لعبة قذرة بلبوسات حقوقية سقطت بين أيدي محركيها.
    وإلى بوح آخر .

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    المتفرج الأمريكي يكتشف تاريخ المغرب الحديث من خلال فيلم “خمسة وخمسين”