حقوقيون وباحثون اجتماعيون يحللون أسباب إغراق جنبات المحاكم بالمتسولين النصابين

حقوقيون وباحثون اجتماعيون يحللون أسباب إغراق جنبات المحاكم بالمتسولين النصابين

A- A+
  • اتخاذ النصابين المتسولين لمحيط المحاكم، مكانا لكسب الرزق، ليــس من باب الصدفة، بل هو تصرف على جانب كبير من “الوعي” و”الذكاء” وعلى بينة من “سيكولوجية” الناس المتجمهرين عند أبواب المحاكم لأسباب مختلفة، هؤلاء النصابون يحولون فضاء المحكمة وجنباتها مرتعا خصبا لأفعالهم باستعمال السماوي كطريقة للنصب والاحتيال وربح الأموال من ضحاياهم على قدر الإمكان، محللون في علم الاجتماع أكدوا لــ” شوف تيفي”، أن النصابين أبدعوا في الحيل لكسب المال بطرق سهلة وبعيدا عن المخاطر.

    مريم الإدريسي: النيابة العامة هي من لها الحق في تفعيل الدور الاستباقي لمحاربة الظاهرة

  • ترى المحامية مريم الإدريسي، أن النيابة العامة هي من لها الحق في تفعيل الدور الاستباقي لمحاربة الظاهرة، و أن تفرض مراقبة خارج المحكمة، مع إعطاء الأمر للشرطة من أجل محاربة هذه الظاهرة التي تستغل هشاشة العائلات الذين تجدهم ينتظرون مصير أبنائهم، ورئاسة النيابة العامة تؤكد أن المجهودات المبذولة من طرف الدولة لتخليق الحياة العامة تشكل خيارا ثابتا، و هذه المجهودات تعد من أولويات السياسة الجنائية التي اعتمدتها رئاسة النيابة العامة لمحاربة الظاهرة.

    علي شعباني: ابتكر ممتهنو التسول بجنبات المحاكم حيلة الإفراج عنهم إما من السجن أو من الحراسة النظرية

    في حين أكد محلل علم الاجتماع علي شعباني لــ” شوف تيفي”، “أن الظاهرة ليست بالجديدة، بدأت في الحافلات والأحياء الشعبية حيث أبدع النصابون في حيل لكسب المال بطرق سهلة وبعيدا عن المخاطر، مثلا ابتكر ممتهنو التسول بجنبات المحاكم حيلة الإفراج عنهم إما من السجن أو الحراسة النظرية، هؤلاء يخترعون أساليب و حيلا عن طريق استعطاف الناس، خاصة الذين يعانون تلك اللحظة من الهشاشة النفسية. إذا هؤلاء لا يمكن أن نقول على أنهم فئة خاصة، لأنهم بمجرد ما تفشل لهم هذه الخطط التي يتسولون بها، يلجئون إلى خطط أخرى يستغلون بها عطف وهشاشة الآخرين، وكذلك استغلال الحالة النفسية التي تكون عليها أسر المعتقلين”.

    عزيز لعويسي: لا يمكن قصد المحاكم وممارسة التسول بجنباتها إلا من طرف المنحرفين من ذوي السوابق العدلية

    من جهته اعتبر عزيز لعويسي باحث اجتماعي، ” أن التسول لم يعد كما كان من قبل، بل واكب التغيرات المجتمعية وبات ظاهرة اجتماعية على درجة كبيرة من التشابك والتعقيـد، بعدما تعددت طرقها ووسائلها وتقنياتها واتسع نطاق الأشخاص المتعاطين لها، ولم تعد الظاهرة تقتصر على التقنيات والأساليب الاعتيادية، بل تم الحرص على تطوير واقع “الممارسة التسولية” عبر البحث عن أمكنة وفضاءات جديدة لاستهداف جيوب الناس بانتزاع الشفقة والعطف، ولعل آخر هذه الأساليب، ما بات يشهده محيط بعــض المحاكم من أنشطة تسوليـة من قبل بعض الشباب اليافعين، الذين يتظاهرون تارة بإخلاء سبيلهم من طرف المحكمة بعد تقديمهم من قبل الشرطة وتارة ثانية بالإفراج عنهم من السجن، ويصل ببعضهم حد التظاهر بالتعرض للعنف من قبل الشرطة أثناء الحراسة النظرية، للتأثير على الناس وإثارة أحاسيس الشفقة والعطف فيهم، بشكل يدفعهم إلى تقديم المساعدة الماديـة بكل أريحية وسلاسة. واستهداف بعض المتسولين لمحيط المحاكم، ليــس من باب الصدفة، بل هو تصرف على جانب كبير من “الوعي” و”الذكاء” وعلى بينة من “سيكولوجية” الناس المتجمهرين عند أبواب المحاكم لأسباب مختلفة، إما من أجل انتظار الإفراج عن ابن أو أب أو قريب بعد التقديم من طرف الشرطة القضائية، أو ترقب التوصل بأخبار أو معطيات عن المحاكمة أو انتظار التواصل مع محام، وكلها وضعيات، تجعل النفسيات أقرب إلى أحاسيس الشفقة والعطف والمساعدة بما قل أو كثـر، أما فيما يتعلق بطبيعة المتسولين، فلا يمكن قصد المحاكم وممارسة التسول بجنباتها، إلا من طرف بعــض المنحرفين من ذوي السوابق العدلية، الذين هم أدرى من غيرهم، بخصوصيات المكان ونفسية المتجمهرين من الناس وعلى بينة بظروف وأسباب تواجدهم، وعلى ثقافة واسعة في مجال الانحراف والجريمة والسجن والاعتقال والشرطة القضائية والحراسة النظرية والنيابة العامة، مما يجعل محيط المحاكم، المكان الطبيعي لممارسة أفعالهم التسوليـة. وما يثير الاستغراب أن التشريع الجنائي الموضوعي (القانون الجنائي) يجرم الأفعال المرتبطة بفعل التسول والتشرد، لكن الظاهرة حاضرة بقوة وآخذة في التمدد والانتشار على مستوى الأمكنة والوسائل والتقنيات، ولم تسلم منها حتى المحاكم، التي أضحت جنباتها مرتعا خصبا لعدد من المتسولين وجلهم إن لم نقل كلهم من ذوي السوابق العدلية ومتشبعون بثقافة الانحراف والعبث والتهور، ولا يجدون حرجا أو حياء في إتيـان التسول على مستوى محيط أمكنة (المحاكم) يطبق فيها القانون وتجسد العدل، وهذا معناه أن المقاربة القانونية لم تعد مجدية في ظل واقع مجتمعي، يتم “التطبيع” فيـه مع هذا السلوك المحرج والمقلق، الذي أضحى جزءا لا يتجزأ من طرقاتنا وشوارعنا وأحيائنا، وحتى المقاربة الزجرية، يصعب الرهان عليها، لكثرة “المتسولين” ولما تعرفه السجون من اكتظاظ مثير للقلق. وبقدر ما نعترف أن الظاهرة هي ظاهرة يتقاطع فيها النفسي والاجتماعي والذاتي والموضوعي والأمني والقانوني والزجري، بقدر ما نرى أنه يصعب تطويقها أو التصـدي لها، لأنها مرآة عاكسة لما يعتري المجتمع من اختلالات في التنمية والتربية والتعليم والشغل، ومعبرة عما آل إليه الوضع المجتمعي من انحطاط في القيم والأخـلاق والدين”.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    السفير زنيبر يبحث مع غوتيريش ومسؤولين أمميين تفعيل أولويات مجلس حقوق الإنسان