حكومة العثماني وفن التيئيس

حكومة العثماني وفن التيئيس

A- A+
  • لا زال رئيس الحكومة وفريقه الأغلبي يرى في كل نقد أو معارضة موجهة لحصيلة فريقه الحكومي، استهدافا لحكومته وحزب العدالة والتنمية، آخر تقليعات سعد الدين العثماني هو ما جاء في تدخله في جلسة بمجلس النواب، حيث أورد أرقاما عن منجزات باهرة لحكومته، وشحن خطابه بإحصائيات بدت مثل مساحيق كثيفة على وجه امرأة قبيحة الشكل، الواقع يعلو ولا يعلى عليه، والحقيقة لا يمكن إخفاؤها بغربال..

    لذلك نقول للحكومة الموقرة: لم تعد تنطلي علينا الأكاذيب واللعب بالأرقام الباردة المنفوخ فيها، ولا أدل على ذلك ما كشفته أرقام وزارة الشغل والإدماج المهني من أرقام عن انخفاض معدل البطالة، وجاء تقرير المندوبية السامية للتخطيط، وهو مؤسسة رسمية ليزيل مساحيق الأرقام التي قدمتها الحكومة حول انخفاض مزعوم لمعدل البطالة لا تعكسه نسبة النمو المحققة خلال السنة الماضية ولا تلك التي يتوقع أن نصل إليها نهاية هذا العام.. وعلى رئيس الحكومة أن يجيبنا على سؤال واحد، إن استطاع أن يكون صريحا: أين وعود الشغل التي قدمت أرقاما عنها بمئات الآلاف سنويا؟ أين وعدكم بتوفير مليون و200 ألف منصب شغل؟ هل يستقيم هذا الرقم الأقرب إلى المعجزة مع إفلاس المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تنتج الشغل، بسبب ضعف التمويل وتأخر آجال الأداء إلى أكثر من 5 أشهر رغم الالتزامات المتكررة للحكومة بتقليص المدة، ومع نسبة نمو لاتصل في أحسن درجات التفاؤل إلى 2.9 بالمائة؟

  • نحن نعلم أن سعد الدين العثماني ليست لديه الشجاعة الأدبية لقول الحقيقة، لأنه وهو رئيس حكومة هو في الآن ذاته أمين عام لحزب العدالة والتنمية الذي عينه على الانتخابات القادمة، لذلك يضفي على الأرقام العجفاء الحقيقية بعض أكسيسوارات الخداع وماكياجات مصطنعة لإخفاء الحقيقة غير السارة لنتائج فريقه الحكومي.. “اللي تيريش فبعضياتو ومخلي مصالح المواطنين تضيع”، والدليل هو أن أجواء الاحتقان تعود من جديد والمطالب الاجتماعية ترتفع، والحكومة “بحال إلى عندها” عقدة نفسية تريد إشباع حاجاتها بأرقام خيالية وبأصباغ الماكياج لتبدو على غير حقيقتها وواقع منجزاتها..

    نحن لسنا من هواة الأوهام، في ذات الوقت لسنا دعاة للتيئيس.. والتشكيك ليس هدفنا، لأن قلبنا على هاذ البلاد وعلى مواطنيها الذين يستحقون وضعا أفضل من هذا.. ونقول لسعد الدين العثماني لا نرجو إلا أن تجيبنا بصدق: ما مصير القانون الإطار لإصلاح التربية والتكوين والبحث العلمي الذي توافقتم حوله كأغلبية حكومية؟ وما خطتكم لإصلاح التقاعد الذي سيقترب في سنوات قليلة من أزمة خطيرة وعجز هيكلي مرة أخرى سيتحمل كلفته المواطن؟ أين الإصلاح الشمولي للمقاصة أمام اختلالات التحرير المنقوص للمحروقات والتدهور المتواصل للقدرة الشرائية، وماذا أعدت الحكومة لإنقاذ برنامج المساعدة الطبية للمعوزين “راميد” لانتشاله من الإفلاس؟ وأين هي الأخبار المفرحة التي بشرتمونا بها أكثر من مرة؟
    أجبنا هذه وعودكم لنا، فإما يكون ما قدمتموه حقيقة وعلى طريق الإنجاز قبل أن تنتهي ولايتكم، فنكون قد كذبنا وأنتم من الصادقين، أو يكون كل ما قدمتموه لنا مجرد أوهام ووعود انتخابية وأضغاث أحلام، فيكون قد كذب علينا حزبك وأغلبيتك الحكومية ونكون نحن من الصادقين..

    نحن لا ننظر للنصف الفارغ من الكأس، ولا نرتدي نظارات سوداء لنكون ممن يزرعون التشكيك والتيئيس في المجتمع، ما قصدنا غير أن تدلنا على الجانب المشرق من إنجازاتكم فقط، وما نقدنا هنا لكم إلا لإرشادكم وتوجيهكم، و”باش نبينو ليكم راه المغاربة ما بقاوش كوانب غير نعسوهم في الوهم وراه غايصوتو عليكم مرة أخرى.. راه ما ينفع الناس يمكث في الأرض والباقي راك حافظو..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الملك يبعث برقية تهنئة لبيتر بيليجريني بمناسبة انتخابه رئيسا لجمهورية سلوفاكيا