لا خير في مجتمع لا يحترم قوانينه

لا خير في مجتمع لا يحترم قوانينه

  • تعتبر النيابة العامة ركنا أساسيا في قطاع العدالة لأنها تحافظ على حقوق الإنسان، وتحمي الحريات العامة والخاصة، وفقاً لأحكام القانون.. باعتبارها هي “الساهرة على حماية الأفراد من الاعتداءات التي قد تطال حقوقهم المادية والمعنوية وتعمل على التثبت من وقوع الجرائم، وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها بمساعدة الضابطة القضائية التي تعمل تحت إمرتها وإشرافها، وتتمتع النيابة العامة بسلطة تحريك الدعوى العمومية”.

    فلا عدالة ولا أمن ولا استقرار بدون وجود نيابة عامة قوية مستقلة، لكن للأسف أصبحنا في ظل موجة التشكيك نرى كل شيء داخلنا في دائرة الغموض والتدليس، وبناء نزوع لا يقاوم لنشكك ليس بغرض الوصول إلى الحقيقة، ولكن بشك منهجي غرضه الهدم وتتفيه كل شيء.. إن قضية توفيق بوعشرين تعتبر التجسيد الأمثل لهذا التسميم الذي يضر بالمجتمع أساسا، فما إن فُتح تحقيق في ملف بوعشرين، حتى بدأت عميلة زرع بدور الشك وخلق سيناريوهات المؤامرة والربط مباشرة بين ما يكتبه “بوعشرين” وبين سلوك “بوعشرين” الذي هو مجرد فرد من هذا المجتمع، وهو ما دفع النيابة العامة لإصدار ثلاث بلاغات مسترسلة في زمن قياسي، ليس فقط لوجود رأي عام من الواجب إخباره ولكن لصد الإشاعة والتشكيك المقصود في النيابة العامة التي أصبحت هيئة قضائية مستقلة تتولى الدعوى العمومية باسم المجتمع، وتشرف على شؤون الضبط القضائي، وتسهر على تطبيق القوانين.. وهي اليوم هيئة مستقلة يشرف عليها طاقم من خيرة أطر العدالة يشتغلون إلى جانب رئيس خبر دهاليز النيابة العامة.

  • ومع ذلك لمسنا قصدية كبرى – منذ أول يوم تفجر فيه الملف – في اعتبار كل شيء مفبركا، أولا هذا الملف فيه طرفان، المتهم ذكر واحد، يحمل مجموعة من التهم الثقيلة، وهناك في الجهة الأخرى عدد من النساء بين ضحايا ومشتكيات، يدعين تعرضهن للاغتصاب والتحرش الجنسي وأنهن ضحايا تهديدات بتسجيل فيديوهات لممارسته الجنس معهن تحت الضغط والتهديد بالفضيحة.. لكن المجتمع الذكوري جرى بسرعة ليبرئ المتهم ويجدد إدانته للنساء، دون أي رحمة أو شفقة أو القيام بما تمليه الأخلاق الديمقراطية وهو الاتزان والتريث في الهدم والتشكيك. فالنيابة العامة جزء من هذا المجتمع وليست تابعة لسلطة استعمارية، وقضاتها هم منتوج آليات ومؤسسات هذا البلد.
    *
    بعضهم لديهم خيال علمي في إنتاج السيناريوهات الميلودرامية، كوَّن فيلما قصيرا بناء على تخيله لما حدث، وآخرون طعنوا في اتهام بلا دليل لديهم، وبئس المجتمع الذي لا يحترم القوانين التي يشرعها لتنظيم نفسه؟ بئس المجتمع الذي لا يرى في الأجهزة الرسمية التي تمثله مجرد ضوء أحمر وغرامة وسحب رخصة… ولا ينظر إلى العدل والمساواة والإنصاف الذي تحققه النيابة العامة إلى جانب المكونات القضائية الأخرى. وهذا مصطفى الرميد وزير العدل والحريات بالأمس ووزير حقوق الإنسان اليوم، يؤكد أن السلطة القضائية “مستقلة تماما، وليس هناك أي مجال للتشكيك فيها، والقاضي مثل الصحافي يمكنه أن يبيع نفسه للشيطان والتحكم فيه” .

    وما أن وضعت الضحية برناني شكاية أمام محكمة النقض، الخميس الماضي، تتهم فيها ضابطا بالفرقة الوطنية بالتزوير، حيث نفت أن تكون قد تعرضت للتحرش الجنسي من طرف توفيق بوعشرين، حتى تعالت مرة أخرى أصوات التشكيك والهدم، ولو في غياب الدليل، لكن الحمد لله أن المغرب تقدم خطوات، حيث أن المحقق كان يتوفر على تصوير كامل للتحقيق معها.. وكما أوضح الوكيل العام خلال الندوة الصحافية أن “الضابط الذي استمع إليها تقدم بشكاية في مواجهتها، يتهمها بكونها أساءت إليه وإلى سمعة أسرته وسمعته بين زملائه في العمل”، مضيفا أن “شكايته تتضمن قرصا مدمجا يوثق لحظة الاستماع إليها وبعد إصرارنا عليها، صرحت بأنها لم تدل بذلك، ليتم عرض القرص المدمج الذي تظهر فيه وهي تقرأ محضر الاستماع إليها صفحة بصفحة، وبكون توفيق بوعشرين تحرش بها كذلك”. اتقوا الله في وطنكم وكفى من التسميم والتشكيك ودعوا القضاء يقول كلمته… إن كنا فعلا نريد بناء العدل الذي نحلم به في وطن نحبه حتى النخاع…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    لوسيور كريسطال تكشف عن هويتها البصرية الجديدة وتعلن عن خطوة استراتيجية جديدة