كأس العالم عناد في الحلم… رغم أنف المشككين

كأس العالم عناد في الحلم… رغم أنف المشككين

  • بعض اللحظات التاريخية في حياة أمة، لا تقاس بمال ولا بثروة، وإنما بالأثر العميق الذي تتركه في أفراد الشعب برمته، تلك اللحظات التي تسترخص فيها الأموال والأرواح أحيانا إيمانا بحلم أكبر يوحد أفراد الأمة حول غاية معينة، هذا هو ما يشكله حلم تنظيم كأس العالم من طرف المغرب، حلم لا ينظر إليه المشككون والمعارضون “لله في سبيل الله” إلا من زوايا ضيقة كما كتب بعضهم وهم ينظرون إلى الميزانية التي أعلن عنها مولاي حفيظ العلمي رئيس حملة تنظيم المغرب لكأس العالم عام 2026، التي تم الإعلان عنها بشفافية كبرى وعن طرق صرفها، فلم ينظر للقمر البعيد الذي هو حلم هؤلاء المغاربة موحدين بكبيرهم وصغيرهم، بفقرائهم وأثريائهم، برجالهم ونسائهم وشيبهم وشبابهم، باحتضان بلدهم لتظاهرة كونية، يرون أن المغرب أهل لها، ولكن ينظرون فقط إلى الأصابع المشككة في وجود القمر أو يخلقون الغيوم كي لا نرى ضوء القمر.. أو حق هذه الأمة في تحقيق حلم دافعت عنه ثلاث مرات وما استسلمت لليأس. إنه العناد في الحلم الذي لا يحسه المشككون والمعارضون “فابور”.

    بالنسبة لهؤلاء فميزانية كلفة تنظيم المغرب لكأس العالم جد ضخمة “تعادل ميزانية الصحة في المغرب عشر مرات، والتي تم تحديدها في ميزانية 2018 في 15.4 مليار درهم أي نحو 1.6 مليون دولار.

  • كما تعادل نفس الميزانية المرصودة لتنظيم أكبر تظاهرة رياضية في العالم في المغرب ميزانية التعليم لسنتين ونصف، وقد قدرت ميزانية التعليم في المغرب الخاصة بعام 2018 في 59 مليار درهم أي نحو 6.4 مليار دولار.

    هل هكذا تحسب ميزانية الدولة على هذا الشكل البئيس، كما لو أن مشكل المغرب هو في ضخ ميزانية في الصحة والتعليم تنتهي في ظرف سنة أو سنتين؟ ثم من أين سنأتي بميزانيات التسيير والصيانة والتدبير…؟ كان يمكن أن نضع نفس الحسابات الصغرى في القضايا الكبرى ونقول إن الصحراء المغربية تكلف كل مغربي 2000 درهم، والدولة تصرف 6000 مليار سنويا في الأقاليم الجنوبية، أو لماذا سنشتري صفقة سلاح تبلغ الملايير، ومالنا و”الأطورورت” أو “تي جي في” الذي يعادل ثمن إنجازه تكلفة خلق كذا وكذا من المدارس ودور الشباب والمستوصفات… وتعالوا لنحسب بالخشيبات كم من دور سكن وكم من مستشفى وكم من مدرسة سوف نبني سنويا لو تخلينا عن بناء أكبر برج وأحسن جسر وأروع مسرح.. ونعود إلى بداوتنا الأولى نمتطي الجمال ونسكن الخيام ونعيش على لبن المعز والنوق والتمر!.

    إن الحسابات الصغرى لا تصلح كمعيار فيما يرتبط بالأحلام الانتقالية في حياة أمة، وفوق هذا وذاك تعالوا للحساب الصحيح الذي يفوق الحلم، المرتبط بما سيكسبه المغاربة بعد انتهاء التظاهرة العالمية، من منشآت معمارية، من ملاعب رياضية وتجهيزات كبرى، وفنادق ومطاعم وبنية طرقية، وجودة خدمات واحتكاك المغاربة بجنسيات مختلفة، والإغراء الذي سيحمله لزوار يصبحون مثل أبواق الدعاية والإعلانات التي نحتاج إلى الملايير لنعرف المغرب بما يزخر به سياحيا، كم من فرص شغل سوف يمنحها تنظيم كأس العالم؟ ماهو حجم الرواج التجاري والاقتصادي المفترض في تظاهرة كونية….؟

    إن المغرب ينظر إلى تنظيم كأس العالم ليس من باب أن يأتي مشاهير اللاعبين إلى المملكة، بل كفرصة للتنمية ولخلق الثروة، فما لا يعرفه المتشككون من أصحاب الحسابات الصغرى، هو أن تنظيم المغرب لكأس العالم سيوفر فرص اختزال أكثر من خمس سنوات للتنمية، ويكفي في هذا الإطار تفحص عائدات الدول التي سبقت المغرب لتنظيم هذه التظاهرة الكونية لأخذ العبرة، فقد كان تنظيم إسبانيا لكأس العالم سنة 1982 من بين أهم ما ساهم في نهضتها الاقتصادية.. وفي آخر نسخة لكأس العالم بالبرازيل سنة 2014 أكدت تقارير اقتصادية أن 30 مليار دولار أنعشت الاقتصاد البرازيلي من خلال تنظيم كأس العالم، وكانت المطاعم هي أكبر مستفيد بأرباح فاقت 10 ملايير دولار. عدا ما تبقى لهذين الشعبين من أصول ثابتة أي المنشآت التي لن تحملها معها الجماهير التي ستعود إلى بلدانها بعد نهاية المونديال؟ من فضلكم كفانا عبثا فالمغرب أكبر بكثير من الحسابات الصغيرة أو الانتقامات الشخصية… فكأس العالم بالتأكيد حلم أمة ومسار رائع للأجيال القادمة… وما تبقى مجرد “هضرة خاوية”.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الطالبي العلمي ولد ‘الكارد فوريستيي’